لم يحمل موسم الاصطياف في المغرب دفئاً لقطاع العقارات الذي يواجه برودة في الطلب بسبب الازمة الاقتصادية العالمية من جهة، وانتظار انتفاء الضبابية التي تلف القطاع منذ الخريف الماضي. وأكد مطورون عقاريون أنهم خفضوا أسعار الوحدات السكنية بنسب تراوحت بين 10 و20 في المئة في المدن في محاولة للتغلب على ضعف الطلب وندرة المقتنين الذين تراجعت حماستهم للشراء. وطاول الانخفاض في الاسعار العقارات الراقية والمنتجعات السياحية في مراكش وطنجة وأغادير والسعيدية، وهي مدن توجه منتجاتها العقارية إلى زبائن ميسورين محليين وأجانب، إذ تتراوح اسعار المنازل بين 150 و500 ألف دولار، تنفذ بعضها مجموعات عربية مثل «إعمار» الاماراتية و «بيت التمويل الخليجي» البحرينية و «الديار العقارية» القطرية. وأفاد المطورون بأنهم فضلوا خفض الاسعار لتسريع التسويق بدلاً من انتظار استقرار الاسواق، في محاولة لتفادي الاقتراض المصرفي أو تراكم الديون، ولمواصلة النشاط في المشاريع المخطط لها سلفاً. لكن الخطة لا تبدو ناجعة طول الوقت، فالأزمة العالمية قلصت عدد المقتنين والزبائن المفترضين وفي مقدمهم الجالية المهاجرة والسياح الأجانب، وهي الفئة التي كانت تنفق في المتوسط نحو بليون دولار سنوياً لاقتناء منازل ثانوية في المملكة. وتوقع رئيس مجموعة «العمران العقارية» نجيب العرائشي بدوي تراجع اقتناء المغتربين للعقارات في المغرب بسبب الازمة المالية والاقتصادية العالمية، وأضاف ان المجموعة لاحظت تراجعاً في الطلب على العقارات من قبل المهاجرين الذين تأثرت تحويلاتهم بالازمة في البلدان المضيفة، خصوصاً بلدان الاتحاد الأوروبي، منذ بداية السنة. وكان المهاجرون يمثلون 20 في المئة من مجموع مبيعات الشركة، وهي أكبر مجموعة عقارية في القطاع العام في المغرب، وقررت استثمار بليون دولار عام 2010 لمواصلة بناء 180 ألف وحدة جديدة واستكمال بناء 155 ألفاً لا تزال قيد الانجاز. وكشفت المجموعة في ندوة صحافية أنها حققت أرباحاً بلغت 623 مليون درهم عام 2008 بفضل مبيعاتها التي قدرت بنحو 8.57 بليون درهم (أكثر من بليون دولار) تعتبرها استثنائية وتصعب اعادة تحقيقها قبل مضي وقت. وتواجه «العمران» التي تبني مدناً جديدة صعوبات في تسليم الشقق والمنازل إلى اصحابها بسبب تخلف شركات عن الايفاء بالتزاماتها وتعثر بعضها الآخر لاسباب مالية كما حصل في مدينة تامسناجنوبالرباط إذ لم يتمكن آلاف الاشخاص من تسلم شققهم في الآجال المحددة في عقود الشراء وقرروا رفع دعاوى قضائية. وتقدر تكلفة بناء تامسنا بنحو 27 بليون درهم ويُتوقع اكتمالها عام 2012. وقال متضررون إنهم باتوا يسددون ديونهم إلى المصارف من دون ان يتمكنوا من استلام شققهم. وتتخوف الشركات من عدم القدرة على التسويق وسط ضبابية حول مصير الاسعار وآفاق سوق العقارات، وتطفح الملصقات واللوحات الإعلانية بعروض سخية لشركات عقارية، يقدم بعضها شققاً راقية من دون دفعة أولى. وتنتشر على طول الشوارع الرئيسة والطرق السيارة إعلانات تحض الزبائن على تملك الشقق والمنازل المختلفة الاشكال والاسعار في الساحل والجبل والصحراء والجزر بأسعار يقال إنها معقولة. وقبل سنة فقط كان الزبائن ينتظرون دورهم في طابور طويل يكاد لا ينتهي نظراً إلى كثرة الوافدين والراغبين والمستثمرين في العقارات الذين كانت غالبيتهم ترغب في مساكن ثانوية في زمن طفرة البناء والتملك.