أصبح حال سكان «ينبع النخل» كحال العرب قديماً عند البكاء على الأطلال، يبكون على ذكرى «العيون» التي كانت تسقي ظمأهم، وعلى صوت صرير الماء الذي داعب مسامعهم وبث في أرواحهم حب الحياة، لتوقد الذكرى لهيب الشوق إلى تلك الأهازيج التي كانوا يرددونها عند العمل في الحرث والزرع، ولسان حالهم اليوم «سقى الله أياماً لنا ولياليا». كما لم تسهم القصائد الغزليه في «ينبع النخل» في استمرارية جريان مياه عيونها التي سطرت حكاياتها عبر التاريخ والقصائد الشعرية، فبعد أن جفت العيون البالغ عددها عدد أيام السنة الهجرية، باتت ينبع النخل وكأنها «ينبع بكت في نهار العيد..على زعيم الهوى الراحل» ينبع النخل الواقعة عن يمين جبل رضوى الأشم لمن كان منحدرًا من المدينة إلى البحر، ارتبط اسمها تاريخياً بالنبع الخارج من الأرض، واشتهرت بالنخيل الباسقات والمياه العذبة المنبثقة من بين الأحجار المرصوفة على شكل ضفائر محكمة، يطلق عليها أهالي ينبع «القصب» والمتدفقة من أحشاء الأرض. وأرجع الأهالي سبب اندثار العيون إلى ما عملته إنشاء الهيئة الملكية، إذ لعب دوراً كبيراً في تجفيف منابع المياه في ينبع النخل، إضافة إلى الآبار التي أسهمت في تجفيف العيون، وطرق الري والحفر الجائر، مطالبين الجهات المسؤولة بسرعة تنفيذ مياه الصرف الصحي وإيصالها إلى ينبع النخل، والإسراع بتنفيذ الدراسات التي أجرتها لهذا المشروع وتم التخطيط مسبقاً دون ترجمتها على أرض الواقع، في ظل عزوف المجلس البلدي في ينبع عن مناقشة الموضوع أو التواصل مع الجهات المسؤولة في ذلك. من جهتها، عزت اللجنة الزراعية والثروة السمكية في ينبع سبب انقطاع عيون ينبع إلى الحفر الجائر، ووجود الآبار الإرتوازية التي وصلت إلى 270متراً في ينبع النخل. وأفاد رئيس اللجنة الزراعية والثروة السمكية في ينبع عمر الحربي خلال حديثه إلى «الحياة» بأنه طالب بإنشاء مزارع نموذجية متكاملة للأعلاف وتربية المواشي والدواجن، كونها تخدم المنطقة كاملة أسوة ببقية مناطق المملكة، مبيناً أن الجهات المعنية رفضت ذلك، برغم أن تربة ينبع النخل تعتبر خصبة وأرضها زراعية منذ آلاف السنين. وأضاف: «تمت مخاطبة وزير الزراعة ببرقيتين، إلا أن الرد جاء برفض الفكرة كلياً رغم إرفاق الرسومات الهندسية والدراسات اللازمة، وذلك بسبب أنها موقفة بأمر ملكي». من جهة أخرى، حاولت «الحياة» التواصل مع الجهات الحكومية من رئيس للبلدية، وأمانة المدينةالمنورة، عن أسباب جفاف العيون في ينبع النخل من المياه، والتأكد عما قيل في أنها تعرضت إلى التخريب العام جراء وضع المخططات السكنية عليها، إلا أنها رفضت التواصل والإجابة عن ذلك.