عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي جلسة محادثات في القاهرة أمس مع نظيره السوداني عمر البشير استغرقت نحو ساعتين، تم خلالها بحث العديد من المواضيع المشتركة بين البلدين في إطار محاولة العاصمتين تجاوز أزمة صامتة بينهما على خلفية تصريحات موسمية لمسؤولين سودانيين حول الحق في المثلث الحدودي حلايب وشلاتين، فضلاً عن سبل تطوير العلاقات السياسية والتجارية والاقتصادية. ويسعى الجانب السوداني إلى حسم عملية إنشاء منطقة حرة مشتركة بين البلدين خلال هذه الزيارة. وتناولت محادثات الزعيمين مستقبل العلاقات الثنائية بين البلدين وفرص الاستثمار، خصوصاً بعد فتح المعابر البرية للمرة الأولى بين البلدين، وبدء التشغيل التجريبي للمنفذ البري بينهما. ويعكس حجم الوفد السوداني وتشكيلته أهمية الزيارة وأهدافها، إذ ضم الوفد كلاً من وزير رئاسة الجمهورية صلاح ونسي، وزير الخارجية علي كرتي، وزير الاستثمار الدكتور مصطفى عثمان إسماعيل، وزير العمل والإصلاح الإداري إشراقة سيد محمود، وزير الدولة للدفاع الفريق يحيى محمد خير، ومدير جهاز الأمن والاستخبارات الوطني الفريق محمد عطا المولى. وانضم للوفد وزير الكهرباء والموارد المائية معتز موسى الموجود في القاهرة حالياً بعد المشاركة في مفاوضات سد النهضة الإثيوبي. ولاحظ مراقبون في تشكيلة الوفد اهتمامات الخرطوم بمناقشة المسائل الأمنية مع مصر وطمأنة القاهرة على ظهيرها الجنوبي خصوصاً بعد تقارير إعلامية حول مسائل متعلقة بالنفوذ الإيراني في السودان ومزاعم تسليح متطرفين في ليبيا واليمن، وكذلك استمرار التنسيق في ما يتعلق بملف سد النهضة الأثيوبي للحفاظ على حقوق البلدين في مياه النيل. ووفق مصادر مطلعة فإن المحادثات لم تتطرق إلى ملف مثلث حلايب وشلاتين والذي تعتبره القاهرة أرضاً مصرية كاملة السيادة. وتسربت معلومات حول توجيهات رئاسية للخارجية المصرية بعدم إثارة الموضوع خلال أي لقاءات ثنائية مع الجانب السوداني، وتجاهل تصريحات بعض المسؤولين في الخرطوم عن الهوية السودانية لحلايب وشلاتين. وصرح عماد سيد أحمد السكرتير الصحافي للرئيس البشير (وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية) بأن زيارة الرئيس السوداني لمصر والتي تستمر يومين تأتي رداً على زيارة السيسي إلى الخرطوم أخيراً، مشيراً إلى أن برنامج الرئيس البشير يتضمن لقاءات بعدد من الرموز المصرية البارزة ورجال الأعمال والمستثمرين المصريين. وقال أحد أعضاء الوفد المرافق للبشير إن الزيارة تستهدف تنفيذ ما جرى الاتفاق عليه في السابق وإعطاء الاتفاقات الموقعة بين البلدين زخماً يتناسب مع الروابط التاريخية وطبيعة العلاقة «الإيجابية» بين البلدين، وهذه الأمور تتطلب إرادة ودفعاً سياسياً لتنفيذها. ويسعى الجانب السوداني إلى حسم عملية إنشاء منطقة حرة مشتركة بين البلدين خلال هذه الزيارة. وقالت مصادر مطلعة إن زيارة البشير تعكس رغبة الخرطوم في تدارك تهديدات أطلقها هو نفسه حول قضية مثلث حلايب وشلاتين، إلى حد التلويح باللجوء إلى التحكيم، ورجّحت أن يتم التعامل مع القضية في المستقبل القريب بالأسلوب نفسه الذي درج عليه البلدان، وهو تجاوز الأمر مع توثيق التعاون في المجالات الأخرى، حيث لا تثار المشكلة إلا وقت الأزمات بين البلدين، وغالباً ما تكون للاستهلاك المحلي.