حفظاً للتراث من الاندثار، انتهج عدد من أصحاب الاستراحات في جازان إلى تشييد مساكن تراثية من القش والطين والجريد في الاستراحات المخصصة لتجمعات الأفراد والأسر، والتي تنتشر في غالبية المدن السعودية، إذ يرون من خلال هذه الخطوة محاولة حثيثة في الحفاظ على الطابع والنسيج التراثي، معتمدين على نصائح كبار السن لأخذ المعلومات الصحيحة «المشورة» في إنشاء المساكن، كونهم يعملون على توجيه العمال خلال عملية الإنشاء. وخصص آخرون من مالكي الاستراحات زوايا في تلك المساكن لتصبح أركاناً تراثية تحوي أدوات تراثية شعبية خاصة بالمنطقة استخدمت قديماً واندثرت. ويؤكد المواطن إبراهيم علي، وهو أحد سكان قرى وادي جازان، أهمية الحفاظ على التراث والنسيج العمراني للمنطقة في الماضي، مضيفاً: «ما إن بدأنا بالتخطيط في تكوين استراحة خاصة للأسرة إلا وكان أول مقترحاتنا بناء العريش، كونه أحد المساكن الرئيسة للأهالي في الماضي مع العشة والصبل»، مشيراً إلى أنه نفذ المقترح ببناء العريش بإشراف والده الذي يبلغ من العمر 80 عاماً بعد أن عاش طفولته وشبابه فيه. وأوضح أن الأهالي كانوا يحضرون «لفات» تشبه الحبال المحبوكة تسمى «الحلفا» أو «المتت» يتم جمعها وربطها بشكل محكم فوق سقف العريش حتى يمنع دخول أشعة الشمس والأمطار إلى الداخل، مبيناً أن تلك الطريقة تخفف من ارتفاع درجات الحرارة، مضيفاً: «يعود السبب في خفض الحرارة لأنه مبني من الطين والجريد وأثناء رشه بالماء مع الهواء يلطف الأجواء في شكل كبير». من جهته، قال المواطن علي السهلي إنه قام ببناء «عشة» بعد شرائه مقتنيات تراثية وقام بتعليقها حتى يستمتع بها الزوار، مضيفاً: «من بين المقتنيات المهجان وهي سفرة دائرية من الحصير، والمصلة وهي سجادة من الحصير والزنابيل، إضافة إلى أدوات الحراثة وأدوات الطبخ مثل الطباخة، والمغاش، والكزمة، والجونة، ولا يزال البعض منها يستخدم فيما البعض الآخر اندثر منذ فترة». وعن أنواع المباني يقول المسن علي بن جده والذي تجاوز عمره 100 عام، إن المباني المصنوعة من القش والمتعارف عليها في مساكنهم في الماضي تأتي على أنواع أربعة أشهرها «العشة»، وتبنى على شكل مثلث بيضاوي سقفها حاد من الأعلى، ويتم بناؤها من الجريد في شكل هندسي مرصوص دائري إلى الثلث الأول، وبعدها يضيق إلى الأعلى إلى أن تلتقي في النهاية في زاوية حادة، وبعدها يتم ترتيبها بالطين من الداخل، ومن الخارج يتم حشوها بالقش إلى أن تتم تغطية الثغرات كافة، ثم يتم حبك حبال «الحلفا»، وربطها في شكل مرصوص منسق من الأعلى إلى الأسفل. وأفاد بأن العريش يعد النوع الثاني من المساكن القديمة، إذ يكون في الجزء الأسفل مستطيلاً والأعلى على شكل مظلة منسدلة إلى اليمين واليسار لتصريف مياه الأمطار انسيابياً حتى لا يسمح للمطر وأشعة الشمس بالدخول إلى العريش. وبين ابن جده أن النوع الثالث من المباني وهو «الصبل» ويستخدم للمقيل واستقبال الزوار والضيوف. وأضاف: «هو عبارة عن مظلة تقوم على ستة قوائم جانبية، يسقف بالحشائش والقش والقصب من دون تغطية جوانبه كمنطقة مفتوحة يسمح لدخول الهواء لمن بداخله»، مشيراً إلى أن النوع الرابع المنزل البسيط الذي يبنى من الجريد والقش ويكون أصغر من العريش ويسمى ب«الخدروش»، ويستخدم لشخصين أو ثلاثة نظراً لصغر حجمه. من جهته، أوضح المتهم بالمساكن الشعبية في منطقة جازان محمد فتحي أن «العشة» أفضل المساكن الشعبية باعتبارها صالة المعيشة في الوقت الحاضر، مشيراً إلى أن العشش تختلف من بلدة إلى أخرى، لذا تجد «العشة» لدى أهل الساحل تختلف عن العشش الجبلية في التفاصيل، مضيفاً: «التهامية تبنى بالساس الجدار، والجزء الأسطواني يتم بناؤه بالجريد وجذوع السدر والأثل، وتكون من الخارج مرصوصة بالكامل من الجريد، يتم بعدها طلاؤها و(ربدها) بالطين».