تزخر منطقة جازان بالكثير من ألوان التراث الشعبي واللوحات الفنية الشعبية حيث تتكئ المنطقة على بحر عميق من الموروث الشعبي الذي يضرب في أعماق الزمن ويسر الخزامى ان تسلط الضوء على المنزل الشعبي القديم في جازان وطريقة بنائه ومميزاته والأهازيج الشعبية والتراثية الجميلة التي كان يرددها الأطفال وصانعو العشة خلال الأيام التي يستمر فيها العمل في البناء والتي تستغرق عادة ما بين عشرة أيام إلى اسبوعين حسب حجم العشة ومقاسها وأدوات الزينة التي تستخدم فيها. وقد اشتهر عدد من البنائين للبيت الشعبي القديم في جازان وكان عددهم محدوداً جداً ويعد على الأصابع ومنهم العم اليابس الذي كان من أبرع صناع المنزل الشعبي والتراثي القديم في جازان ثم العم الحجوري وغيرهما من البنائين أو المهندسين الشعبيين إذا صحت التسمية. وتتسع العشة الواحدة لأربع قعايد أو كراسي خشبية مع مغزل كرسي خشبي صغير يسمى "الغزالي أو المغزل" تجلس عليه ربة البيت ويردد الأطفال وهم يستمتعون بمشاهدة بناء العشة بعض الأهازيج الشعبية الجميلة مع الشخص الذي يقوم بالبناء وهم في غاية السعادة والفرح ببناء منزل جديد يأويهم ومن تلك الأهازيج الطفولية قولهم، عشتي - يا عشتي - إبني لي قشتي. لفرشتي ومخدتي - عشتي ياعشتي. ويردد صانع العشة مع الأطفال تلك الأهازيج ورغم بساطة البيت الشعبي القديم في جازان إلا أنه يصعب الإلمام بطريقة صنعه وبنائه إلا من الأشخاص المختصين في هذا الجانب وقد توفي معظمهم ولم يبق منهم الا القليل. ويتكون البيت الشعبي القديم في جازان "العشة" من الحشيش اليابس ومن جريد النخل والحبال والليف المستخرج من اشجار الدوم وجريد الأثل الصغير ويبدأ مهندس العشة بوضع أساس البناء بعد أن يحدد المساحة التي سيقوم بالبناء عليها حسب مقاس العشة وحجمها وكلما كبر حجم العشة زادت كمية المواد المستخدمة في بنائها وارتفعت تكلفتها المادية. وكان الناس يتباهون بالعشة ويتفننون في جمالها واتقانها وقليل من الناس وخصوصاً الأغنياء وميسوري الحال من يستخدم النورة البيضاء أو الإسمنت الأبيض والذي كان نادراً جداً في ذلك الوقت من الزمن الجميل وغالي الثمن ويستخدمونه في طلاء العشة من الداخل حيث لم يوجد في ذلك الوقت الإسمنت الأسود المعروف حالياً ويبدأ العمل بعد ذلك في اساس العشة المكون من جريد النخل الطويل والقوي الذي يستطيع تحمل الرياح العاتية والأمطار الشديدة وبعد أن يتم الانتهاء من اساس العشة والذي يستغرق يوماً كاملاً تبدأ المرحلة الثانية من البناء. ومن أهم عناصر العشة أو البيت الشعبي القديم "القرعينة" وهي قمة العشة أو الرأس الذي يتم تركيبه في قمة العشة ويعمل لحفظ توازنها حيث يتم غرس القرعينة وهي عمود طويل من الخشب الصلب مع بدء عمل اساس العشة وساسها ومن اهم ما يتميز به البيت الشعبي القديم إضافة إلى بساطته وتواضعه وجمال شكله الأخاذ الشكل المخروطي او الهرمي للبناء والذي يشبه بناء الأهرامات المصرية. وهذا الشكل الهرمي للعشة لم يأت من فراغ حيث يساهم في دخول الهواء الى جوف العشة من كافة الاتجاهات مما يضفي عليها برودة وهواءً منعشاً جميلاً يشبه هواء اجهزة التكييف خصوصاً في فصل الصيف والربيع ويتفنن صانع العشة أو مهندسها في إتقان عمله وتتزين العشة من الداخل بطلائها بالنورة البيضاء والألوان الجميلة والخطوط المزخرفة والمزركشة التي تضفي على العشة جمالاً اخاذاً. ويقوم البناء مع مساعديه بترديد بعض الأهازيج الشعبية الجميلة للترويج عن النفس من عناء التعب الشديد والحر الذي يقاسيه البناء وعماله ولقضاء وقت العمل المرهق بكل سهولة وسعادة وسرور ويرددون هذه الأهزوجة الجميلة.. هيه - هيه - صلوا على النبي المختار صلوا على حبيب الله العدنان صلوا على النبي العدنان من نسل آدم وحواء وأذكروا الله وصلوا. على خير الأنام يا رجال اذكروا الله. وتوكلوا على الله وهزوا بساس العشة.. وارفعوها قشه قشه صلواعلى حبيب الله - صلواعلى النبي المختار. واحدة في كل مرة أم الكل في وقت واحد؟ احصل على تحديثات من أصدقائك في مكان واحد.