الوعي بالإنسان وتطورات الحياة نال أهمية جيدة في البحث العلمي والطرح الثقافي، لكنّ جانبَه العملي الذي يمس الإنسان نفسه في أغلى مكتسباته وهو صحته الجسدية والنفسية، هذا الوعي لا يزال ناقصاً وإلى درجة كبيرة وخطرة، لاسيّما في عالم مختلف يفرض شروطاً جديدة للحياة وفق أحداث اللامتوقع! والتحدي الصحي الذي يواجه الإنسان من أكبر وأخطر أنواع التحديات، في وقت يجد الإنسان نفسه مصروفاً إلى اهتمامات أخرى لا يمكن مقارنتها بقوة التحدي الصحي، من هنا اهتمت الحكومات والمجتمعات اليقظة باكراً بالشراكات الإنسانية في مجالات الوعي الصحي، بداية من التثقيف الصحي إلى المشاركات العملية للمتخصصين. وكان ذلك يتطلب قوة مالية داعمة تأخذ صفة الاستمرار في العطاء لهذا الإنسان، ولقد كان ازدهار الوقف إبرازاً لمنظومة القيم التكافلية والتعاونية التي يتشكل عليها المجتمع، وفي تاريخ حضاري جميل شارك الوقف في العمل الصحي ويحتفظ التاريخ بذكر المستشفى النوري الكبير في دمشق، المستشفى العضدي في بغداد، المستشفى المنصوري في القاهرة، مستشفى مراكش، مارستان ابن طولون وغيرها. اليوم يتطلع مجتمعنا إلى ولادة «الهيئة العامة للأوقاف» التي صدر بإنشائها قرار مجلس الوزراء الموقر، إذ سيكون من مهمات هذه الهيئة «الإشراف والتسجيل» للأموال الوقفية فإن الوعي المسبق والجاهزية الجيدة لتأسيس «الوقف الصحي» سوف يكون أسرع فاعلية في إسعاد الإنسان في هذا الوطن الجميل، في حين أن وزارة الصحة انطلقت مشكورة بتكوين مجلس للوقف الصحي داخل كيانها، الذي سيكون من مهامه لاحقاً تشكيل العلاقة مع «الهيئة العامة للأوقاف»، وأنا أتمنى على وزارة الصحة خلق هذه الفكرة والبدء بها انطلاقاً من تشكيل مجلس للوقف الصحي يقوم هو بتشريع التنظيم اللازم له ومن ثم مباشرة الخطوات العملية للوقف الصحي واستثماره وتخطيط أوجه الصرف منه على كل عاجز مالياً عن التشافي من الأمراض لاسيما ما يهدد الحياة الإنسانية. والوقف في إنشاء المشافي والاستثمار الوقفي في تقديم الرعاية الصحية «الوقائية، والعلاجية، والنفسية، والصحية» وتوفير الأدوية والنهوض بعلوم الطب والانفاق على الطلاب ورعايتهم، وليكن هذا الوقف الصحي منذ اللحظة الأولى منتشراً في كل مناطق ومدن المملكة، وأنا واثق بإذن الله من رغبة الناس في دعم الوقف وتحويل وقفياتهم نحو هذا العطاء الإنساني النبيل. أتمنى شخصياً على أخي وزير الصحة الدكتور عبدالله الربيعة المبادرة بهذا العمل الأجمل في حقيقة الوعي الإنساني. بارك الله وسدد. * عضو مجلس الشورى. [email protected] @Alduhaim