تستضيف القاهرة اليوم قمة بين الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي والسوداني عمر البشير، للبحث في تعميق العلاقات بين البلدين وتنسيق المواقف خصوصاً في ملف مياه نهر النيل، غداة اختتام اجتماع للجنة الفنية الثلاثية ل «سد النهضة»، حضره وزراء الري المصري والسوداني والإثيوبي، وخلص إلى تسمية مكتب استشاري دولي لوضع الدراسات النهائية في شأن تأثيرات السد الإثيوبي على حصتي مصر والسودان من مياه النيل. ومن المقرر أن يصل البشير مطار القاهرة صباح اليوم على رأس وفد يضم وزراء شؤون رئاسة الجمهورية صلاح ونسي والخارجية علي كرتي والدولة للدفاع الفريق يحيى محمد خير والكهرباء والموارد المائية معتز موسى والاستثمار مصطفى عثمان إسماعيل والعمل والإصلاح الإداري اشراقة سيد محمود ومدير جهاز الأمن والاستخبارات الفريق محمد عطا المولى. وقال ل «الحياة» مسؤول مصري ان زيارة البشير «تأتي تلبية لدعوة من السيسي للتأكيد على قوة ومتانة العلاقات بين البلدين». وأوضح أن القاهرة تسعى إلى بناء «علاقة متينة» مع السودان، وأن القمة بين البشير والسيسي ستبحث في «تعزيز العلاقات في المجالات كافة والارتقاء بها، وعرض القضايا الخاصة بعلاقات البلدين والعمل على تفعيل آليات التعاون المشترك، إضافة إلى تطورات الأوضاع الإقليمية خصوصاً ما يتعلق بمكافحة الإرهاب وتنسيق المواقف والتعاون في مجال ضبط الحدود المشتركة». وأشار إلى أن الجانبين أعدا «برنامجاً حافلاً لزيارة الرئيس السوداني التي تستمر يومين، إذ سيلتقي وفداً من المستثمرين المصريين وعدداً من الشخصيات البارزة، فيما ستعقد لقاءات جانبية بين الوفد السوداني والوزراء المصريين». وأوضح السفير السوداني في القاهرة عبدالمحمود عبدالحليم، أن الرئيسين سيعقدان اجتماعاً مغلقاً قبل قيادة وفدي بلديهما في محادثات رسمية موسعة بحضور عدد من الوزراء من الجانبين. وقال ل «الحياة» إن «المحادثات ستتناول ملفات التعاون الاستثماري والتجاري والاقتصادي كافة، كما سيتم طرح ملف سد النهضة الإثيوبي بصورة مفصلة باعتباره من الملفات التي تهم كلا البلدين»، مشدداً على أن «نهر النيل لا بد من أن يكون ساحة للتعاون لا الصراع وهو منذ قديم الزمن كذلك ويجب أن يبقي هكذا». ولفت إلى أن «موقف الخرطوم قائم على القاعدة التي تقول لا ضرر ولا ضرار، وهذه وجهة نظر اقتنع بها أخيراً كل الأطراف، وإن كانت هناك خلافات فلا بد من أن يكون حلها بالحوار، ونؤكد أن السودان لم ولن يتخذ موقفاً يضر بمصالح مصر... نحترم حق إثيوبيا في التنمية وكذلك على الجانب الآخر نحترم تطلعات مصر في الحفاظ على حقوقها التي تود الحفاظ عليها». وأشار إلى أن «المشهد الليبي سيكون حاضراً بقوة في محادثات الرئيسين»، لافتا إلى أن «الموقف السوداني مما يجري في ليبيا يتطابق مع مخرجات مؤتمر دول الجوار الذي عقد في القاهرة أخيراً ونسعى مع الدول المعنية إلى حل الأزمة الليبية عبر عملية سياسية متكاملة تعتمد على توافق وطني». وعن الخلاف المصري - السوداني في شأن منطقة حلايب، قال السفير إن «العلاقات بين البلدين أكبر من أي خلاف والقمة التي ستعقد في القاهرة بين الرئيسين هدفها تطوير العلاقات وتنميتها، فرغم ما يربط بين البلدين من علاقات تاريخية إلا أن محصلة هذا التعاون لا ترضينا. مصر والسودان لديهما رغبة حقيقية في تجاوز الماضي والانطلاق نحو علاقات أكثر قوة». واعتبر أن «من يحاولون الصيد في الماء العكر ويسعون إلى تشويه العلاقات المصرية - السودانية يسيئون إلى أنفسهم قبل مصر والسودان». وكان الرئيس المصري زار الخرطوم في حزيران (يونيو) الماضي، في طريق عودته من القمة الأفريقية التي عقدت في غينيا الاستوائية. وعقد وزيرا الخارجية المصري سامح شكري والسوداني علي كرتي محادثات في القاهرة الأسبوع الماضي تمهيداً للقمة الرئاسية. وتأتي القمة غداة اختتام اجتماع اللجنة الفنية المشتركة في شأن «سد النهضة» التي تضم 12 عضواً من مصر والسودان وإثيوبيا. واتفقت اللجنة التي عقدت اجتماعها في القاهرة بحضور وزراء الري في الدول الثلاث على اختيار مكتب استشاري دولي توكل إليه وضع الدراسات الفنية النهائية للسد الإثيوبي وآثاره على مصر والسودان قبل آذار (مارس) المقبل. وكان وزير الري المصري حسام المغازي افتتح اجتماعات اللجنة أول من أمس بكلمة أكد فيها «حرص مصر على تحقيق التنمية والرخاء لجميع شعوب ودول حوض النيل من خلال استغلال موارد مياه النيل بما يحقق المنفعة ويمنع إحداث الضرر بأي من الدول». ولفت إلى أن رأي المكتب الاستشاري الذي يفترض أن يكون اسمه أعلن في وقت متقدم من مساء امس، سيكون «حاسماً» في ما يخص تأثير السد على مصر والسودان والسعة المناسبة لخزان السد التي لا تلحق الأضرار بهما.