لم تفقد مصادر بارزة في «14 آذار» الأمل في امكان التوصل بين قيادات «المستقبل» وحزبي «الكتائب» و «القوات اللبنانية» الى اتفاق على صيغة لقانون انتخاب مختلط يجمع بين النظامين الأكثري والنسبي ولو في اللحظة الأخيرة التي تسبق انعقاد الجلسة النيابية في 15 الجاري المخصصة للبحث في قانون الانتخاب، ما يؤدي الى قطع الطريق على إقرار مشروع «اللقاء الأرثوذكسي» في الجلسة. وكشفت المصادر نفسها ل «الحياة» أن التواصل مستمر بين زعيم «تيار المستقبل» الرئيس سعد الحريري وبين رئيسي «الكتائب» الرئيس أمين الجميل و «القوات» سمير جعجع في محاولة لإنتاج قانون مختلط يكون فيه رئيس «جبهة النضال الوطني» وليد جنبلاط شريكاً أساسياً. وقالت إن الاتصالات بين قيادتي «المستقبل» و «القوات» تكثفت في الساعات الأخيرة بمواكبة مباشرة من الحريري ورئيس كتلة «المستقبل» الرئيس فؤاد السنيورة. ولفتت الى أن الاتصال الذي أجراه جعجع بالحريري تركز على تضييق رقعة الاختلاف في شأن تقسيم الدوائر الانتخابية التي تجرى فيها الانتخابات على أساس النسبية. وقالت إن «الكتائب» لن يكون عائقاً أمام أي اتفاق يحصل بين «المستقبل» و «القوات»، وهذا ما أسر به الوفد النيابي الكتائبي الذي زار السنيورة أمس عارضاً عليه الصيغة التي اقترحها لتعديل الدستور لضمان حياد لبنان. وأكدت أن الوفد النيابي الكتائبي لم يتطرق مع السنيورة الى التفاصيل المتعلقة بقانون الانتخاب المختلط، والبحث في هذا الخصوص بقي في العموميات «على قاعدة الفهم المتبادل لهواجسهما من أي قانون انتخاب». وأوضحت المصادر أن الوفد الكتائبي أعطى اشارات ايجابية، وقالت: «نفضل ألاّ ندخل في التفاصيل لأن ليس المطلوب أن يحرج الواحد منا الآخر»، على رغم ان الوفد شدد على ضرورة التوصل الى اتفاق حول المختلط «يتيح لنا أن نذهب بموقف موحد الى الجلسة النيابية، فنفوّت الفرصة على من يراهن على أن اختلافنا على القانون سيؤدي حتماً الى زعزعة العلاقة بين المكونات الرئيسة في 14 آذار». وأضافت أن الاتصال الثاني الذي حصل بين الحريري وجعجع فتح الباب أمام البحث الجدّي، ولم يبق سوى الاتفاق على تقسيم الدوائر التي ستجرى فيها الانتخابات على أساس النظام النسبي، اضافة الى تفاصيل ليست ذات قيمة ويمكن التغلب عليها. وقالت المصادر إن لا اختلاف على اعتماد الدوائر الانتخابية الحالية وعددها 26 دائرة لتجرى فيها الانتخابات على أساس الأكثري، ولا على التوزيع بين النسبي والأكثري لأن النسب المطروحة من «المستقبل» و «القوات» أصبحت متقاربة. وأكدت أن جعجع يقترح تقسيم لبنان الى 6 محافظات على أساس شمولها بالنظام النسبي. وتابعت: «الحريري يقترح في المقابل اعادة النظر في تقسيم المحافظات لتصبح بين 9 و10 محافظات بدلاً من 6 دوائر كبرى، وهذا سيؤدي الى تقسيم كل من البقاع والشمال والجنوب الى محافظتين على أن تبقى بيروت محافظة واحدة، اضافة الى تقسيم الجبل الى 3 محافظات على الأقل». اقتراح جعجع وفي المقابل، يقترح جعجع الإبقاء على كل من الجنوب والبقاع والشمال وبيروت محافظة واحدة، على أن يقسم جبل لبنان الى محافظتين، ولا مانع لديه من تقسيم الأخير الى 3 محافظات. ورأت المصادر ان هناك امكاناً لمراعاة موقف جنبلاط الرافض عزل الشوف عن عاليه والمطالب بدمجهما في دائرة واحدة على أساس النسبية. وقالت ان جعجع لا يعترض على اعتماد قضاء المتن الجنوبي - بعبدا دائرة واحدة، واعتبرت ان تقسيم الجبل يبقى المشكلة التي تحتاج الى القيام بجهد فوق العادة للتوافق على صيغة لا تقلق جنبلاط ولا تزعج بعض الأطراف في المتن الشمالي وعلى رأسهم نائب رئيس الحكومة السابق ميشال المر. وأكدت أيضاً أن البحث جار بين «المستقبل» و «القوات» للاتفاق على صيغة لتوزيع النواب في الدائرة الثالثة في بيروت (المزرعة - المصيطبة - زقاق البلاط) على الأكثري والنسبي، علماً أنها تضم 10 مقاعد نيابية. لكن المصادر تجنبت التكهن بموقفي «القوات» و «الكتائب» في حال لم يتم التوصل بين قيادات 14 آذار الى اتفاق حول المختلط، مع ان جعجع كان أبلغ أكثر من نائب في «المستقبل» بأن المختلط ينقذ الموقف «وإلا سنضطر الى حضور الجلسة حتى لو طرح فيها «الأرثوذكسي» على التصويت». واعتبرت أن جعجع وإن كان ينشد التوصل الى اتفاق مع حلفائه على المختلط، فإن عدم الاتفاق سيضطره الى التصويت على «الأرثوذكسي». وقالت ان موقف «الكتائب» متروك للخلوة الكتائبية الثلثاء المقبل برئاسة الجميل فور عودته من ايطاليا لإصدار موقف من القضايا المطروحة وأولاها قانون الانتخاب في ضوء ما ستتوصل اليه هيئة مكتب المجلس. ونفت مصادر كتائبية أن يكون لقاء الوفد أمس مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري تطرق بالتفصيل الى المواقف من قانون الانتخاب. وقالت إن تناوله تم بصورة عابرة. ونقلت عن الأخير قوله: «انني أفضل اقرار قانون انتخاب متنازع عليه من عدم وجود أي قانون وسأكون مسروراً في حال التوصل قبل الجلسة الى صيغة توافقية، ولن أتردد في القيام بأي جهد لدفع الجميع الى الاتفاق»، لكن بقاء الأرثوذكسي وحيداً في الساحة سيضطرني الى طرحه. وذكرت المصادر الكتائبية أن جميع الكتل النيابية تعلق أهمية على اجتماع هيئة مكتب المجلس بعد غد الاثنين لعله يؤدي الى «اختلاق معجزة تدفعنا الى التفاؤل بإمكان الاتفاق لتنعقد الجلسة النيابية في أجواء مريحة بدلاً من أن نقحم البلد في انقسام حاد». وقالت مصادر مواكبة للاتصالات ل«الحياة» أن لقاء بري ووفد «جبهة النضال الوطني» امس، تطرق الى قانون الانتخاب وتشكيل الحكومة الجديدة. وإن رئيس المجلس ما زال يراهن على التفاهم على قانون مختلط كمدخل للتخلص من «الأرثوذكسي». وأكدت أن بري لن يطرح «الأرثوذكسي» في بداية الجلسة التي تستمر من الأربعاء حتى الأحد، و «سيعطي فرصة لطرح مشاريع انتخابية بديلة». ولفتت الى ان الوفد طرح معه مسألة تكثيف الجهود لتأمين ولادة الحكومة قبل موعد انعقاد الجلسة أو أن تأتي متلازمة معها. لكن بري استبعد تشكيل الحكومة على أساس ثلاثة أثلاث (24 وزيراً) توزع بالتساوي بين 14 آذار و8 آذار والكتلة الوسطية. وكرر موقفه من الأخيرة وجدد مطالبته بالثلث الضامن له ولحلفائه. وتردد أمس أن الرئيس المكلف تشكيل الحكومة الجديدة تمام سلام قد يعلن موقفاً يسبق انعقاد الجلسة، خصوصاً أن الاعتقاد السائد حالياً، كما قالت مصادر في 14 آذار، أن «حزب الله» في ضوء ما أعلنه أمينه العام السيد حسن نصرالله، يقف ضد الفراغ في المؤسسات «لكن المقصود من موقفه من تشكيل الحكومة هو منع الفراغ في المؤسسة التشريعية، لأن التحالف الشيعي لا يحتمل خروجه ولو موقتاً من رئاسة المجلس إذا تعذر إجراء الانتخابات في موعدها واستحال التمديد للبرلمان». وأكدت المصادر أن «حزب الله» يضع الأطراف أمام خيارين، إما «العمى» بالمعنى السياسي للكلمة في التصويت على «الأرثوذكسي» أو «الكحل» في التمديد السياسي للبرلمان، وأن الحزب «يريد أن يضع في جيبه التمديد مقابل التشدد في شروط تشكيل الحكومة واعاقة قيامها في المدى المنظور، ما يؤدي الى التلازم بين التمديد للبرلمان وبين تطويل عمر حكومة تصريف الأعمال». ويبقى السؤال: «هل من رد لقوى 14 آذار على هذه المعادلة طالما ان لا أمل في قيام حكومة أمر واقع في ضوء موقف جنبلاط منها؟ وكيف ستدبر أمورها في الجلسة النيابية؟