مرَّ نحو 60 يوماً منذ بدء تطبيق اللائحة التنفيذية لقضاء التنفيذ، التي ينتظر أن تسهم في تقليص القضايا الحقوقية المنظورة أمام الجهات القضائية بنحو 30 في المئة، بحسب متخصصين ومراقبين تحدثت معهم «الحياة». بعد أن طبقت اللائحة التنفيذية لقضاء التنفيذ للمرة الأولى في 20 ربيع الثاني الماضي، إلا أن تحديات تنتظر وزارة العدل قبل تلمس الأثر المنتظر من قضاء التنفيذ على أرض الواقع، إذ أوضح المحامي والمستشار القانوني ماجد الجعيد أن اللائحة التنفيذية لنظام قضاء التنفيذ الصادرة في 98 مادة تعطي قاضي التنفيذ الحق في النظر والتنفيذ العاجل في الوقت ذاته لكل صاحب حق موثق مستندياً. وأضاف مستشهداً بنص المادة التاسعة من النظام على السندات التنفيذية: «حددت بأن يكون السند محدداً لمقدار الدين، وأن يكون وقت الوفاء به قد حلّ، فيدخل في هذا الأوراق التجارية كالشيكات والسندات لأمر وعقود الإيجار واتفاقات الصلح، وفي هذه الحالة ستكون هذه السندات واجبة التنفيذ من دون الحاجة إلى نظرها أمام القضاء لإثباتها»، لافتاً إلى أن مثل هذا النظام سيسهم في نقل نسبة كبيرة من القضايا الحقوقية التي تستند إلى مستندات قطعية وحاسمة للنزاع من إجراءات التقاضي الاعتيادية إلى قاضي التنفيذ الذي سيكون له الحق في تنفيذ مضمون تلك السندات القطعية فوراً. وأوضح أن اللائحة أعطت قاضي التنفيذ الحق في تنفيذ القرارات والأحكام القطعية الصادرة عن جهات الاختصاص بصلاحيات تامة وبالتنسيق مع الجهات المعنية، لذا فإن قضاء التنفيذ «سيحل كثيراً من إشكاليات تنفيذ الأحكام والقرارات التي كانت ضمن اختصاص الحقوق المدنية قبل هذا النظام، فلقاضي التنفيذ الحق في حجز الأرصدة والعقار العائد إلى المدين، وله الحق في بيعه بالمزاد وتسديد مديونياته حال رفضه تسديد ما عليه من حقوق مالية وذمم». بحسب الجعيد الذي وصف هذه الخطوة بٍ«الجيدة، ولاسيما أن القضايا المحالة للتنفيذ في السابق كانت تعود إلى ناظر القضية لأخذ توجيهاته في حال الفشل في تنفيذ الأحكام والقرارات الصادرة أو مماطلة المدين». ورأى أن توفير الكوادر البشرية وإنشاء دوائر التنفيذ بالعدد الذي يضمن سد الحاجة القائمة هو «التحدي الكبير أمام وزارة العدل». وشدد على أهمية إشراك المحامين في هذه العملية «من خلال إعطائهم الصلاحية والحق في توثيق عقود الإيجار مثلاً والاتفاقات والعقود بين الأطراف التجارية، حتى يتمكن قاضي التنفيذ من التأكد من قطعية المستند ومدى كونه مستنداً تنفيذياً، وذلك لأن اللائحة وسّعت دائرة السندات التنفيذية التي كانت مقتصرة سابقاً على الأحكام والقرارات القطعية، منوهاً إلى أنها لم تنص على معايير معينة لتوثيق العقود والمحررات. وأشار إلى أهمية توعية المجتمع بنشر الثقافة القانونية، لأن «السندات الموقعة الآن بين الأطراف أخذت طابع التنفيذ، فأصبح من الضروري نشر الوعي في المجتمع بأهمية التأكد من أي مستند أو عقد قبل توقيعه، وأخذ الاستشارة المناسبة من المحامين والقانونيين قبل الشروع في أي عقد أو سندات قد تكون واجبة التنفيذ ولا تحتاج للنظر في ثبوتها أمام القضاء العام». أما المحامي والمستشار القانوني خالد بن سعيد الشهراني فرأى أن هذا المشروع يحتاج إلى تضافر الجهود وتوفير وتأهيل كل الكفاءات لتنفيذه من قضاة تنفيذ ومعاونيهم والمحامين، فضلاً عن توافر التقنية اللازمة لتنفيذ الأعمال المنوطه بقضاة التنفيذ، وغير ذلك مما يتطلبه نظام التنفيذ حتى يؤدي دوره كنظام تنفيذي للأحكام القضائية. واستطرد ابن سعيد في شرح تفصيل النظام الجديد بقوله: «التنفيذ نوعان: تنفيذ رضائي، وهو قيام المحكوم عليه بتنفيذ الحكم رضائياً من تلقاء نفسه، والنوع الآخر التنفيذ الجبري، وهو ما يختص به قاضي التنفيذ وفقاً لنصوص النظام ووفقاً للسلطة الممنوحة له من إصدار الأوامر التنفيذية في حق الممتنع عن التنفيذ، وله في ذلك حق استخدام القوة الجبرية (الشرطة)». وأضاف: «بالعودة إلى نص المادة ال2 من نظام التنفيذ على الأحكام القابلة للتنفيذ، نجد أن المشرع حدد الاختصاص النوعي لقاضي التنفيذ، فالأحكام القضائية بحسب نوعها وطبيعتها تنقسم إلى أربعة أقسام هي: الأحكام الإدارية، والأحكام الجنائية، والأحكام المدنية، والأحكام التجارية». ولفت إلى أن النوعين الأولين لا يختص قاضي التنفيذ بهما إلا إذا اشتمل الحكم الجنائي على حق خاص فيدخل ضمن اختصاصات قاضي التنفيذ، وله سلطة تنفيذ الأحكام فيهما بتفعيل القرارات التنفيذية، ولو أدى إلى الإجبار عبر استخدام القوة الجبرية وهي الشرطة لتنفيذ الأحكام. وتطرق إلى أن ما جاء في المادة الثالثة الاختصاصات الموضوعية لقاضي التنفيذ ماعدا تنفيذ الأحكام القضائية، إذ نصت: «لقاضي التنفيذ الحق بالفصل في منازعات التنفيذ مهما كانت قيمتها، وكذلك الأمر بالمنع من السفر ورفعه، والأمر بالحبس، وصلاحيات أخرى، وله بناء على هذه المادة سلطة إيقاع الحجز التنفيذي، وهو حرمان المحكوم عليه من التصرف بأملاكه الثابتة والمنقولة، وإيقاف الحسابات المصرفية التابعة للمحكوم عليه، ومنع المحكوم عليه من السفر، والأمر والإشراف على بيع ممتلكات وعقارات المحكوم عليه بالمزاد العلني، والكتابة للجهات ذات العلاقة بإيقاف خدمات المحكوم عليه وتجميدها، وتنفيذ قسمة التركات، وتوزيع المبالغ المتحصلة من المحكوم عليه بشكل عادل، وإلزام المحكوم عليه بكل إجراء لزمه بموجب الحكم القضائي، كالزيارة والنفقة وإتمام العمل وغيره». ولفت الشهراني إلى أن قرارات قاضي التنفيذ نهائية وفقاً للمادة السادسة التي نصت على أن تكون جميع قرارات قاضي التنفيذ نهائية، كما حافظ النظام على حقوق أطراف الدعوى في نص المادة العاشرة، فلا يجوز تنفيذ الأحكام والقرارات والأوامر جبراً مادام الاعتراض عليها جائزاً، إلا إذا كانت مشمولة بالنفاذ المعجل، أو كان النفاذ المعجل منصوصاً عليه في الأنظمة ذات العلاقة». وبحسب الشهراني، فإن قاضي التنفيذ له حق تنفيذ الأحكام الأجنبية ولكن بشروط نص عليها النظام، وهي على أساس المعاملة بالمثل واشتراطات أخرى في سند التنفيذ وقال: «من المعلوم أن أموال المدين ضامنة لسداد الديون، إلا أن النظام وردت فيه استثناءات، فلا يجوز الحجز والتنفيذ على الأموال المملوكة للدولة، وكذلك الدار التي يسكنها المدين ومن يعولهم شرعاً، ووسيلة نقل المدين ومن يعولهم شرعاً، ويقدر القاضي مقدار كفايته، ما لم تكن الوسيلة مرهونة للدائن». وتشمل اللائحة الأجور والرواتب إلا في ما يأتي مقدار النصف من إجمالي الأجر أو الراتب لدين النفقة، وخلافه، ومقدار الثلث من إجمالي الأجر أو الراتب للديون الأخرى. كما نص النظام أيضاً على آلية لتوزيع حصيلة التنفيذ بأمر من قاضي التنفيذ على الدائنين الحاجزين، ومن يعد طرفاً في إجراءات آلية التحصيل وتوزيعها، إذ نصت المادة ال57 على «توزع حصيلة التنفيذ بأمر من قاضي التنفيذ على الدائنين الحاجزين، ومن يعد طرفاً في الإجراءات».