قرر عشرات الصحافيين الفلسطينيين عدم تغطية زيارة رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الشيخ يوسف القرضاوي، التي لاقت ترحيباً كبيراً من حركة «حماس» وحكومتها، ورفضاً شديداً وانتقادات لاذعة من عدد من الفصائل والهيئات والمثقفين والكتاب والصحافيين والشخصيات الاعتبارية. وجاء قرار الصحافيين في أعقاب اعتداء عدد من رجال الشرطة التابعة للحكومة التي تقودها «حماس» على خمسة من زملائهم وتوقيفهم في مركز للشرطة نحو 45 دقيقة أثناء تغطيتهم وقفة سلمية نظمتها «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» مساء أول من أمس في مدينة خان يونس جنوب القطاع احتجاجاً على الغارات الاسرائيلية على سورية. وندد صحافيون و «الجبهة الشعبية» ومؤسسات حقوقية واعلامية ب «الاعتداء الهمجي» على المعتصمين والصحافيين أحمد غانم، مراسل قناة «الميادين» الفضائية، ومحمد أبو طه من قناة «فلسطين اليوم» الفضائية، وعبد العزيز العفيفي، وعدي أبو شحمة من شركة «سكرين» للخدمات الاعلامية، واياد البابا مصور صحيفة «فلسطين». وعند اطلاق المعتقلين، تداعى عشرات الصحافيين لوقفة أمام مكتب قناة «الميادين» في قطاع غزة احتجاجاً على الاعتداء، فيما كان مقرراً تنظيم اعتصام للصحافيين ليل الاربعاء - الخميس، وهو الموعد المقرر لوصول القرضاوي الى غزة في زيارة تعتبر الأولى من نوعها منذ سيطرت «حماس» على القطاع بالقوة، يرافقه خلالها وفد من العلماء. وقال مصدر في الوفد ل «الحياة» في الدوحة إن ولي العهد القطري الشيخ تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني خصص طائرة لنقل الوفد من الدوحة أمس إلى العريش ومن ثم إلى معبر رفح المصري. وأضاف أن الوفد يضم علماء من 14 دولة هي مصر وقطر والسعودية وسورية وفلسطين والأردن وليبيا وتونس والمغرب وباكستان والهند وسيريلانكا وأستراليا وبريطانيا»، وذلك «دعماً لصمود الشعب الفلسطيني الشقيق، والوقوف مع أهالي القطاع الأبطال في مواجهة الحصار». وخلال الزيارة، سيعقد القرضاوي مؤتمراً صحافياً قبل أن يزور بيت الزعيم الروحي لحركة «حماس» الشهيد الشيخ أحمد ياسين، كما سيشارك في مؤتمر نصرة الأقصى والأسرى، ويلتقي الوفد ممثلين عن عائلات الأسرى والشهداء، تعقبه المشاركة في مهرجان جماهيري في ملعب اليرموك. وسيجول الوفد في قطاع غزة «ليقف على مواقع الدمار التي خلفها العدوان الإسرائيلي في معركتي الفرقان وحجارة السجيل، كما سيلقي القرضاوي خطبة الجمعة في المسجد العمري». الاعتداء ووصف عضو المكتب السياسي ل «الشعبية» رباح مهنا الاعتداء على الصحافيين «بالهمجي»، مستغرباً «هذا السلوك من الشرطة التي كان يجب أن تقوم بحماية المتضامنين وليس الاعتداء عليهم، خصوصاً أنهم يتضامنون مع بلدٍ عربي شقيق تعرض الى عدوان غاشم من العدو الصهيوني». وقال عضو اللجنة المركزية ل «الشعبية» جميل مزهر إن «المتظاهرين تعرضوا الى الضرب بالعصي، ما أوقع ثلاث إصابات في صفوفهم»، مستنكراً «سياسة القمع وتكميم الأفواه من أجهزة الأمن التابعة للحكومة المقالة». وفي بيان ثان، أعلنت «الشعبية» أنها «لن تشارك في استقبال ... القرضاوي بناءً على الدعوة التي وجُهت اليها، تعبيراً عن رفضها المواقف السياسية المعادية لمصالح الشعوب العربية التي أطلقها القرضاوي، وبالذات ما يتعلق بمطالبته بالتدخل الاستعماري الغربي في سورية وليبيا، إضافة إلى مواقفه الفئوية التي من شأنها تعزيز الطائفية في بلداننا العربية». وعلى رغم أن وزارة الداخلية في حكومة «حماس» أصدرت بياناً اعتذرت فيه عن الاعتداء على الصحافيين، إلا أنها لم تقدم اعتذاراً ل «الشعبية» أو المواطنين الذين تعرضوا الى الاعتداء. وبررت الداخلية الاعتداء بأن الاعتصام غير مرخص، علماً أن قانون الحق في التجمع السلمي لا يشترط الحصول على ترخيص أو اذن مسبق بل إشعار الشرطة فقط. وعبر رئيس المكتب الاعلامي الحكومي ايهاب الغصين عن «رفضه وأسفه الشديدين» للاعتداء، وقال على حسابه على «فايسبوك» إنه طالب «بتشكيل لجنة تحقيق ومحاسبة المتسبب بهذا الحدث المرفوض». واستنكرت شبكة المنظمات الاهلية الفلسطينية «بشدة» الاعتداء، وطالبت في بيان «بالتحقيق في الاعتداء ومحاسبة من قام بالاعتداء والعمل الجدي من أجل ضمان الحق في التجمع السلمي وحرية الرأي والتعبير، بما في ذلك حق الصحافيين في الوصول الى المعلومات وحمايتهم ومنع الاعتداء عليهم». وعبر مركز «الميزان» لحقوق الإنسان عن «استنكاره الشديد» الاعتداء، وشدد في بيان على أن «حرية العمل الصحافي وتغطية الفعاليات المختلفة حق أصيل يحميه قانون المطبوعات والنشر. وطالب حكومة غزة «بفتح تحقيق جدي في الحادث، خصوصاً بعدما تكرر منع المسيرات السلمية وفض بعضها بالقوة والاعتداء على صحافيين وعاملين في الحقل الإعلامي، واتخاذ تدابير واضحة تضمن محاسبة المسؤولين.