بعد أن افتتحت مدارس البنات بالسعودية منذ أكثر من 60 عاماً إثر صدور قرار الملك فيصل بن عبدالعزيز عام 1959 بفتح مدارس للبنات، فسحت وزارة التربية والتعليم مطلع الأسبوع الجاري المجال لتدريس التربية الرياضية، واقتصرتها على المدارس الأهلية من دون الحكومية، تحت عنوان تنظيم ممارسة اللياقة البدنية. وزارة التربية والتعليم دعمت قرارها بفتوى صادرة لمفتي عام المملكة سابقاً الشيخ عبدالعزيز بن باز يجيز فيها ممارسة الفتاة للرياضة لدواعٍ صحية، حتى تتجنب جدلاً قد يثيره التيار المعارض لها بعد أعوام من العراك بين مؤيدين ومعارضين، أفضى إلى السماح بتدريس التربية الرياضية للبنات في القطاع الخاص، واستثنت المدارس الحكومية. وقالت الوزارة إنه لا حديث عن المدارس الحكومية حتى الآن، ولم تفصح عن آلية التنظيم من حيث عدد الحصص واختلافها بين المراحل الدراسية والمنهج الدراسي والمهارات المطلوبة. في الوقت نفسه لم تعلن وزارة التربية والتعليم عن وجود تنسيق مسبق بينها وبين وزارة التعليم العالي لفتح تخصصات التربية الرياضية في الجامعات لتخريج كوادر لسوق العمل، فيما وصف القرار من البعض بالارتجالي وغير المنظم لعدم وجود كوادر مؤهلة للإشراف على تدريس الطالبات بعد أن خلت 32 جامعة من وجود تخصص التربية الرياضية ضمن كلياتها. في المقابل فإن مجلس الشورى أفصح ل«الحياة» أن لا إشارة لتبني توصية لافتتاح أقسام تحمل التخصص ذاته في الجامعات، واعتبره شأناً يخص الجامعات التي لديها صلاحيات لفتح تخصصات جديدة تتناسب مع سوق العمل ومتطلباتها. وكشف تقرير ل«الحياة» أن عدد المدارس الأهلية في السعودية بلغ نحو ثلاثة آلاف مدرسة، وقدرت حاجاتها من المعلمات ب«تسعة آلاف» معلمة متخصصة في التربية البدنية للإشراف على تدريس الطالبات، وذكرت وزارة التربية في هذا الشأن أنها ليست معنية بتوفير الكوادر للمدارس الأهلية، بيد أنها من اختصاص أصحاب تلك المدارس، بينما ذكرت وزارة العمل أن استقطاب تسعة آلاف معلمة من خارج البلاد لتغطية العجز مسموح به، إن لم تتوفر الكوادر السعودية المؤهلة في هذا التخصص، شرط أن يحصل صاحب المدرسة الخاصة على تأييد من وزارة التربية والتعليم كي تشفع له. قرار وزارة التربية والتعليم بتدريس التربية البدنية في مدارس البنات ظل لعقود موضع جدل في الشارع السعودي بين مؤيدين ومطالبين به، ومعارضين ممانعين له، احتج الأخير بالزي المخصص لممارسة التربية الرياضية ومدى شرعيته بعد فتاوى عدة تُحرم لبس البنطلون للمرأة واعتبرته تشبهاً بالرجال، إلا أن مؤشرات منظمة الصحة العالمية، التي تؤكد أن نسبة السمنة بين الطالبات بلغت 62 في المئة، رافقها التوعية الصحية بمخاطر السمنة وهشاشة العظام على السيدات في السعودية، علاوة على ذلك فتح أندية رياضية خاصة للمرأة لممارسة جميع أنواع الرياضة، أسهمت إلى حد كبير في تغيير مفاهيم الممانعين لها لتتحول إلى موافقة غير معلنة، شرط أن تكون وفق الضوابط الشرعية. إلى ذلك أكدت عضو مجلس الشورى الدكتورة سلوى الهزاع ل«الحياة» أن منع تدريس الرياضة للبنات بعد حرمان لهن من أبسط حقوقهن البدنية، ويقلل ويهمش من دورهن الفاعل، في وقت قال خادم الحرمين الشريفين: «لن نسمح لكائن من كان أن يقلل من شأن المرأة أو يهمش دورها الفاعل»، وعدم التحرك في الصغر ينتج عنه عدم تحرك في الكبر، ما يؤدي إلى داء السكري الذي أصبحت السعودية من الدول الثلاث المتقدمة فيه، وذكرت أن السمنة تسبب أمراضاً مزمنة، منها ضغط الدم، وأمراض القلب، وجميعها مكلفة على اقتصاد الوطن. وقالت: «كفى اتجاهات سلبية بما يخص الشابة والمرأة، ولابد من جعل الرياضة البدنية من أهم ممارسات الحياة اليومية لبناتنا حتى يصبحن الزوجات والأمهات الصحيات».