أكدت الحكومة الأردنية أمس أن نزاعات الجنوب العشائرية باتت في طريقها إلى الحل بعد 6 أيام من التوتر إثر مقتل 4 مواطنين وإصابة العشرات أثناء مشاجرة بالأسلحة النارية داخل حرم إحدى الجامعات الحكومية الواقعة في مدينة معان الصحراوية التي تعتبر معقلاً جنوبياً لنفوذ العشائر. وقال وزير الداخلية الأردني الجنرال حسين المجالي الذي زار مناطق النزاع أول من أمس والتقى زعماء العشائر فيها، إن النزاعات الدائرة «في طريقها إلى الحل، والدولة لن تسمح بعد اليوم بقطع الطرق، خصوصاً جنوب البلاد». وأضاف أثناء لقائه صحافيين أردنيين وأجانب أمس: «على المواطنين أن يحتكموا للقانون، وعلى الدولة أن تتعهد جلب كل من يثبت ضلوعه بالأحداث الأخيرة». وتابع: «هناك تسجيلات جرى تفريغها، وسيتم نقلها إلى الادعاء العام». واستبعد ما ذهب إليه بعض زعماء العشائر من أن هناك «أيادي خارجية تحرك النزاعات وتعبث بالأمن الأردني»، وقال: «لا أيادي خارجية أو خفية تحرك ما يجري، وهذا يبقى تقويم أولي، لكن لا يجوز أن نحمل مشاكلنا للمجهول». وزاد: «الذين شاركوا في النزاع هم طلاب جامعيون، ثم ساندهم أقاربهم من الطرفين». وكانت أعمال الشغب ذات الخلفية العشائرية تجددت داخل بلدات أردنية جنوبية خلال اليومين الماضيين، واشتبك طلاب يتحدرون من عشائر معانية مع طلاب يمثلون عشائر الحويطات، كبرى العشائر الأردنية، داخل جامعة الحسين التابعة لمعان قبل أيام، لتنتقل الاشتباكات إلى قلب الأحياء السكنية. وفشل زعماء عشائر بتثبيت هدنة قبلية لتهدئة الأجواء بين الأطراف المتخاصمة، وسط غياب الحلول الرسمية السريعة. وأسفر لقاءان منفصلان عقدهما المجالي مع وجهاء عشائر الحويطات في مقر المنطقة العسكرية الجنوبية، ومع عشائر معان في مبنى المحافظة، عن اتفاق يقضي بأن يقوم عقلاء الطرفين بتهدئة الأوضاع، وانتظار انتهاء التحقيق ليكون القضاء هو الفيصل. واستمع المجالي خلال اللقاءين إلى انتقادات غير مسبوقة، بسبب تأخر الدولة عن التدخل، ما أدى إلى عزل البلدات الجنوبية وحصارها من مجهولين أقدموا على تفتيش الداخلين والخارجين منها على الهوية. يأتي ذلك، فيما قررت الحكومة أمس تعليق دوام الطلاب في الجامعة التي احتضنت شرارة النزاعات الأولى إلى إشعار آخر. وقال رئيس الجامعة طه العبادي في تصريحات لوكالة الأنباء الرسمية (بترا) إنه «تقرر تعليق الدراسة لإشعار آخر، وتمديد الفصل الدراسي الحالي مدة أسبوع، وتعديل التقويم الجامعي بحسب مقتضى الحال». ويعتبر العنف الجامعي القائم على أسس عشائرية في الأردن أحد أبرز القضايا المتصاعدة، إذ تحاول جهات أهلية ورسمية وضع حلول له. وثمة من يرى أن النزاعات العشائرية ستبقى مؤهلة للانفجار في أي وقت، خصوصاً في ظل ضعف سيادة الدولة داخل المناطق القبلية، ولجوئها لسياسات الاسترضاء، وتنامي الهويات الفرعية، التي تعززها تشريعات وقوانين دائماً ما تعمل على تمزيق المجتمع وفقاً لانتماءات بدائية.