بعد النتائج الجيدة التي حققتها الحملة التضامنية الاستكشافية الأولى لمؤسسة «المورد الثقافي» في تشرين الثاني (نوفمبر) 2012، والتي استهدفت زيارة مخيم للاجئين السوريين في «كيليس» جنوب تركيا ومدينة أعزاز التابعة لمحافظة حلب، قررت إدارة المؤسسة إعادة التجربة، واستثمار الخبرات التي تراكمت في تنفيذ حملات «إغاثة ثقافية». وفتحت أبواب التطوع أمام المثقفين والمبدعين المصريين والعرب، للانضمام إلى مبادرة «العمل للأمل» التي تستهدف مخيمات اللاجئين السوريين في الأراضي التركية، وكذلك في المناطق المهمّشة والفقيرة في مصر. الحملة الأولى ضمت 17 فناناً ومثقفاً مصرياً وعربياً، تناقشوا بعد انتهاء الحملة في الطريقة الأنسب لمساعدة هؤلاء اللاجئين الذين يعانون أوضاعاً مزرية، خصوصاً في المخيمات الواقعة في الأراضي السورية، قرب مدينة أعزاز. وتتكوّن الحملة التطوعية من جانبين رئيسيين، الأول هو إمداد الفئة المستهدفة بالمعونات المادية والمواد الإغاثية، والشق الثاني يُعنى بالتنمية الثقافية والتوعوية للنازحين. تقول مديرة مؤسسة «المورد الثقافي» بسمة الحسيني: «مخيم كيليس التركي هو أفضل مخيمات اللاجئين السوريين، والحكومة التركية توفر دعماً جيداً للاجئين، لكنه يغفل الجانب الوجداني والثقافي والعقلي لدى المواطن السوري اللاجئ». وتضيف: «الظروف السيئة أفرزت حالة من انعدام الأمل بين نزلاء تلك المخيمات والمناطق وفقدانهم احترامهم لأنفسهم، فاللاجئون السوريون وصلوا إلى وضع لا يرون معه سوى الانتصار العسكري، ناسين الجوانب المتعلقة بالتنمية والتعمير والتوعية». أما عن الفقراء في مصر، فتقول الحسيني: «يعانون التهميش والبطالة وتدني الخدمات وأهمها التعليمية والتثقيفية، ويفتقدون الإيمان بقدرتهم وحقهم في التغيير والمشاركة. وتركز جهات الإغاثة فقط على تقديم الأدوية والبطانيات والمواد الغذائية، وتتجاهل الجوانب الشعورية والوجدانية والتثقيفية. ومن هنا تأتي أهمية هذه المبادرة». ووفق ما أعلنته المؤسسة، ستتضمن الحملة ورشاً تدريبية في الفنون من 6 إلى 8 أيام، للشباب والأطفال والنساء في المسرح والموسيقى والفنون البصرية، ونشاطات ثقافية ينظمها شباب من المجتمع المحلي في موقع ثقافي أو اجتماعي. كما سيضم كل برنامج نشاطاً واحداً على الأقل من هذا النوع. وستنظم الحملة لقاءات وحوارات بين أفراد المجتمع المحلي حول التجارب السيئة التي عاشوها وتأثيرها في حياتهم، وكذلك عن رؤيتهم للمستقبل. وهناك ورش تدريبية في المونتاج وتصوير الفيديو ليتمكن المستهدفون من تسجيل أفلامهم القصيرة وبثها على شبكة الإنترنت. وسيحرص القائمون على الحملة على تقديم دروس في التعليم الأساسي باستخدام طرق التعلم السريع لطلاب التعليم الأساسي، مع توفير خدمات طبية أساسية، والمساهمة في تحويل الحالات الخطرة إلى مختصين. وستتبرع الحملة بأجهزة كومبيوتر وكاميرات فيديو وأدوات رياضية وآلات موسيقية وكتب للمناطق المستهدفة، وأخيراً سيتم توفير مستشارين نفسيين لأفراد تلك المناطق. وتوضح الحسيني: «في مصر قررنا البدء بمنطقتي إسطبل عنتر وعزبة خير الله، وهما منطقتان عشوائيتان تقعان في قلب القاهرة». أما بالنسبة إلى اللاجئين السوريين، «فسنستهدف أحد المخيمات المحيطة بمدينة أورفة التركية». وتلقت المؤسسة 130 طلباً للتطوع، اختار منهم القيّمون 61 فناناً يملكون مهارات العمل التطوعي. تنطلق الحملة في مصر في 28 أيار (مايو) الجاري، بينما تتجه إلى مخيمات اللاجئين في تركيا في 23 حزيران (يونيو) المقبل، وسيُقسم المتطوعون إلى فرق، يضم كل منها 12 إلى 15 متطوعاً، يتخصص كل منهم في تقديم خدمة معيّنة». وحول النتائج المرجوة من مبادرة «العمل للأمل» تقول الحسيني: «سنوسع الحملة خلال السنوات المقبلة في حال نجاحها، سنذهب إلى بلدان عربية أخرى. ونأمل أن تساهم الحملة في استعادة أولئك الناس إحساسهم بإنسانيتهم وثقتهم بأنفسهم، وأن يشعروا بالأمل، وبقدرتهم على المساهمة والتغيير، وحقهم في الحياة والتعلم واكتساب المعرفة والثقافة». وأضافت: «نتمنى أن تمنحهم الحملة، على رغم القِصَر النسبي لمدتها، القدرة على تجاوز ظروفهم القاسية والتشبث بالأمل والمستقبل، ونثق بأننا سنكتشف مواهب فنية بين هؤلاء، وسنعمل على متابعتها ورعايتها بما يسمح لها بتقديم مساهمات فنية وثقافية».