خرج رئيس الوزراء المغربي السابق الزعيم التاريخي للاتحاد الاشتراكي عن صمته. وقال عبدالرحمن اليوسفي في أول تصريح منذ اعتزاله العمل السياسي قبل أكثر من عشر سنوات، إن قرار الاتحاد الاشتراكي العودة إلى المعارضة «صائب». وأوضح أمام وفد من قيادة الاتحاد الاشتراكي بزعامة إدريس لشكر زاره في مقر إقامته في الدارالبيضاء، أن «القرار الذي اتخذتموه لجهة استئناف رسالة المعارضة، حتى نسترجع قوتنا وسمعتنا، صائب»، مؤكداً أن المغرب في حاجة اليوم إلى استرداد هذه السمعة التي مكّنت الحزب من إدارة معركة الانتقال الديموقراطي، في إشارة إلى حكومة التناوب التي رأسها عام 1998، وحملت أحزاب المعارضة الرئيسية إلى تحمل المسؤولية الحكومية. ووصف اليوسفي مهمات الاتحاد الاشتراكي في الفترة الراهنة بأنها «كبيرة» في ظل ظروف صعبة اجتازها الحزب. وأضاف أن السنوات العشر الأخيرة تميزت بنكسات متتالية: «تكبدنا خمس هزائم انتخابية وانتقلنا من الصدارة إلى الوضع الخامس في الترتيب»، داعياً إلى استئناف المعارك واسترداد وسائل فعالة «لإنقاذ البلاد». واعتبرت مصادر حزبية استقبال اليوسفي وفد القيادة الجديدة للحزب دعماً لشرعيتها، على خلفية اندلاع نزاعات داخلية هددت كيان الحزب المعارض، فيما ركّز اليوسفي على عودة نفوذ الاتحاد الاشتراكي إلى البلديات، في إشارة واضحة إلى استحقاقات الانتخابات المحلية المقبلة التي لم يتحدد موعدها بعد. وقال بهذا الصدد: «المعركة القادمة معركة البلديات»، مذكّراً باكتساح الحزب البلديات في السنوات الأولى للاستقلال، ورأى أن العودة إلى احتلال المواقع نفسها «لن تكون سهلة»، داعياً إلى معاودة انتشار مقار الحزب وتقوية دوره الإعلامي، من منطلق أن صحافة الحزب في فترات الاحتقان السياسي كانت صوت المعارضة. ورد زعيم الاتحاد الاشتراكي إدريس لشكر بالقول: «جئنا اليوم نزور عميدنا وأخانا وأستاذنا الكاتب الأول للحزب، وأحد مؤسسيه الكبار». إلى ذلك انتقد إدريس لشكر في تجمع خطابي حكومة عبدالإله بن كيران ووصفها بأنها «أجهزت على كل المكاسب السياسية»، وأنها «حكومة غير مسؤولة» ينطبع أداؤها بالبطء وعدم تفعيل مقتضيات الوثيقة الدستورية. وأعرب المسؤول الحزبي عن قلقه حيال التطورات الأخيرة التي عرفها ملف الصحراء. وقال إن مشروع التشرذم الذي تعرفه المنطقة المغاربية وبعض الدول الافريقية، لا يخدم البناء المغاربي والحاجة إلى تثبيت الأمن والاستقرار. وشدد زعيم حزب الاستقلال حميد شباط على مناهضة «أي توجه غير شعبي يستهدف الهجوم على القدرة الشرائية للمواطنين»، وقال إن المساس بهذه القدرة «خط أحمر» لا يمكن السماح بتجاوزه تحت أي ذريعة أو مبرر، مجدداً الدعوة إلى إجراء تعديل على حكومة بن كيران. وقال: «لا سبيل للخروج من حال الجمود والانتظارية إلا بإقرار تعديل حكومي» وضمان الاستقرار السياسي وتجنيب البلاد مخاطر أي توتر اجتماعي. وأضاف أن الاستقلال «لا تهمه الانتخابات والمقاعد بقدر ما يهمه مصالح الأجيال القادمة». وخلص في خطابه إلى الدعوة لإحياء «الكتلة الديموقراطية». لكن مصادر سياسية لفتت إلى صعوبة الجمع في صف واحد بين أحزاب يوجد بعضها في الحكومة والآخر في المعارضة. وكان لافتاً أن الاتحاد المغربي للعمل، أقدم المركزيات النقابية، اتهم الحكومة بالانحياز للأثرياء والبرجوازيين. وقال ميلودي مخارق زعيم المركزية النقابية إن الحكومة تعمل وفق أجندة تحابي الرأسمال، من خلال رفضها فرض ضرائب على الأثرياء. لكن محمد يتيم الكاتب العام للاتحاد الوطني للعمل، القريب إلى «العدالة والتنمية» الإسلامي، قال إن أعداء الإصلاح يعرقلون عمل الحكومة، ودعا إلى المضي قدماً في إجراءات الإصلاح والحرب على الرشوة واقتصاد الريع. بيد أن رئيس الحكومة عبد الاله بن كيران طمأن مناصريه بأن من يصفهم ب «المشوشين» لن يصلوا إلى مبتغاهم في فرملة الإصلاح، وأن الصراع في بلاده اليوم قائم بين «دعاة الإصلاح ومناهضيه». وقال إن المشكل في المغرب ليس قانونياً أو سياسياً أو دستورياً، ولكنه «الخوض في الماء العكر».