في مجلس النواب اللبناني المكتب رقم 324، يستقبلك عضو كتلة المستقبل النيابية النائب خالد الضاهر، أحد صقور المعارضة في قوى 14 آذار. يحكي عن القيم الإسلامية التي تربى عليها، فينطلق منها ليغوص في الوضع السياسي المحلي والإقليمي محاولاً تحليل خباياه، ومن خلف مكتبه الكائن في الطبقة الثالثة للمجلس النيابي، يكرر الضاهر مواقفه النارية المعروفة. يضحك عندما تسأله عن تلقيبه ب “رأس حربة تيار المستقبل”. فيتحدث عن الشمال اللبناني والحرمان الذي يعانيه، ويتطرّق إلى العلاقة مع الأطياف السياسية ومصير الحوار الذي توقف بسبب تمسك حزب الله بسلاحه. أما في ما خص الوضع السوري، فيؤكد النائب الشمالي أن نظام الأسد ميت سريرياً. يصفه بأنه يعيش على تنفّسٍ اصطناعي توفّره روسيا والصين. كما يكشف الضاهر عن معلومات مؤكدة حيال توترات أمنية ستطال لبنان يقف خلفها النظام السوري. يبدأ الضاهر حديثه من بديهة استحالة عزل لبنان عن الوضع الإقليمي والدولي، فيقدم قراءة حول التأثير السوري والإيراني الذي يظهر واضحاً على الساحة اللبنانية. يتطرق إلى تاريخية العلاقة المريضة بين لبنان ونظام الوصاية السوري التي تمتد إلى أكثر من 35 عاماً. يدلف الضاهر من هذا الملخّص، ليصل إلى موضوع المقاومة في لبنان. يتحدث عن الشرعية التي حازتها خلال قتالها للعدو الإسرائيلي، مذكراً بأن الرئيس الشهيد رفيق الحريري هو من منحها هذه الشرعية عام 1996 وفيما يلي نص الحوار الذي أجرته “الشرق” مع النائب خالد الضاهر: – كيف تنظر إلى الأوضاع السياسية في لبنان؟ – لبنان يعيش تحت التهديد السوري الدائم. لقد اصطدم مشروع بناء الدولة الديمقراطية بمشروع قوى الثامن من آذار الذي هو مشروع حزب الله. بدأ ذلك منذ الانقلاب على حكومة الرئيس سعد الحريري. فهم بسلاحهم يمنعون العملية الديمقراطية. وهناك معاناة شديدة من السلاح غير الشرعي الذي صار يوجه إلى اللبنانيين بعدما كان يوجه إلى إسرائيل. – ما مصير الحوار بين الفرقاء في لبنان؟ – حزب الله وجماعة ميشال عون هم من رفضوا الحوار وأفشلوه. ولا عودة إلى طاولة الحوار الوطني، لأن أكثر المشكلات المختلف عليها ليست مطروحة للحوار. فأصل المشكلة أي سلاح حزب الله غير مطروح للنقاش. كان تيار المستقبل في الأصل مع الحوار، لكن الكرة في ملعب حزب الله باعتبار أنّه أصل المشكلة، فكيف نتحاور وسلاحه غير مطروح للنقاش. لقد جرى الحوار وتمّ الاتفاق على قضايا عديدة لم ينفّذ شيء منها، وفريق الثامن من آذار هو الذي يرفض الحوار. على أي أساس نتحاور إذا كان السلاح، وهو المشكلة، غير مطروح للنقاش؟ وأكثر من ذلك، هل ينفع الحوار مع فريق لم يلتزم بمقررات الحوار السابقة؟ وهل يجوز أن نعطي شرعية لفريق انقلابي يريد التلطي من وراء الحوار لتنفيذ مخططاته؟. – ما هي حقيقة دخول مقاتلين من حزب الله إلى سوريا؟ – بعيدا عن الادعاءات والكلام غير المثبت، أنا أتكلم بالأرقام والأسماء. نعم، يتم دعم النظام السوري بأعمال أمنية وعسكرية بدليل: لماذا قتل اللبناني حسان وهبة في حماة، علماً أنه المسؤول العسكري في الحزب القومي السوري الاجتماعي في لبنان. هل كان ذاهباً للتسوق. لماذا قتل ابن سمحات من بلدة الكرك في البقاع اللبناني في سوريا أيضاً. سوريا قالت أنه سقط في حادث سير، بينما حزب الله قال أنه سقط في موقع جهادي. – هل هناك من دور للبنان في ما يجري في سوريا؟ – أمام وسائل الاتصال الحديثة وسرعة نقل الأخبار، أصبح العالم قرية صغيرة. وبذلك، يفرض الواقع الجغرافي نفسه. فسوريا ولبنان دولتان شقيقتان. وأمام ما يجري من انتفاضة شعبية وقمع دموي لها، لا بد أن يتأثر لبنان بهذا الواقع. لبنان يأوي اليوم 12ألف لاجئ سوري، كما يعالج على أرضه قرابة 350 جريحاً سورياً. وبما أن الحدود مشتركة بين الدولتين، ادعى النظام السوري نظرية المؤامرة للهرب إلى الأمام. – ما حقيقة وجود القاعدة في لبنان؟ – كلما أراد النظام السوري أن يهرب، يلجأ إلى ادعاء المؤامرة محاولاً تصدير الأزمة. سمعنا كلاما من رامي مخلوف بأن أمن سوريا من أمن إسرائيل. وسمعنا أن الفوضى ستتدحرج في المنطقة، وبما أن لبنان الحلقة الأضعف، اتهم أنه يأوي قاعدة، بحسب ما ادعى وزير الدفاع فايز غصن. وكافة المعطيات لدينا تؤكد أن ذلك غير صحيح، بل كان مطلوباً من غصن قول ذلك بإيعاز سوري. القاعدة ليست أول الغيث، فقد سبق أن ادعى النظام السوري أن هناك مسلّحون يدخلون إلى سوريا عبر لبنان. وهناك ادعاءات بأن شقيقي ذهب إلى حمص برفقة 350 مسلّحاً، كما زعموا أن مرافقي قتل هناك. لقد أثبتت الوقائع كذب هذه الادعاءات التي تبين أنها لتبرير أعمال القتل التي يقوم بها النظام. – برأيك، هل هناك فرصة للشعب أمام القبضة الفولاذية للنظام؟ – قوة الشعب لا تقهر، هذا أمرٌ نؤمن به، إذ لا مفر من حصول الشعب على حقوقه وكرامته. الثورة السورية لم تضعف. كما أن عزيمة الشعب السوري وإرادته لم تضعف، بل وهج الثورة يزداد يوماً بعد يوم. كما أن معظم الشعوب حول العالم متعاطفة مع أبناء سوريا. – ما مدى إمكانية صمود الجيش الحر؟ – لولا الجيش الحر، لرأينا أن المجازر تتضاعف أكثر بكثير مما يجري حالياً. فأفراد الجيش الحر يحمون بكل طاقاتهم التظاهرات السلمية التي تخرج للمطالبة بالحرية. أعتقد أن الأيام القادمة ستشهد تحرير مزيد من المناطق. كما أن المؤشرات تنبئ بأن هناك مزيداً من الانشقاقات ستحصل في أوساط الجيش. – هل هناك دلالات حيال تزايد القمع وأعمال القتل التي يرتكبها النظام في سوريا؟ – تزايد القمع والقتل يشيران إلى أن القبضة الحديدية للنظام تتراخى. فهو ميت سريرياً ويعيش على التنفس الاصطناعي الروسي والصيني. الشعب أصبح قاب قوسين لتحقيق حلمه بالحرية وبناء نظام تعددي يقوم على المواطنة والديمقراطية. – كيف تنظر إلى الأحداث الجارية في سوريا؟ – تدمى قلوبنا لما يجري على أطفال ونساء درعا. برأيك ماذا قد يكون شعور إنسان يعلم أن هناك 400 قتيل سقطوا في حماه وحدها في يوم واحد. هل تتوقع أن لا يتفاعل أي إنسان مع المجازر في سوريا. تحذيرات من خطط للسوريين في لبنان يقرأ الضاهر في موقف حزب الله الأخير حيال دعوته المعارضة السورية في الداخل والخارج إلى الحوار، تغييراً في نهج حزب الله. ويتحدث عن أمل لديه بأن تتغلّب المصلحة الوطنية على ما عداها لدى الحزب وألا ينجرّ إلى الأزمة السورية، إلا إذا كان مستعداً للانتحار إكراماً للنظام السوري. ويلفت الضاهر إلى أنّ النظام السوري يسعى إلى ضرب استقرار لبنان، والدليل على ذلك انتهاكاته المستمرة للحدود وتوغله في الأراضي اللبنانية وقتله للبنانيين. وتحدّث في هذا السياق عن بوادر لتحرك النظام وعملائه في لبنان لتسخين الساحة اللبنانية، كاشفاً أنّ هناك محاولات من قبل جهات في فريق الثامن من آذار لصيقة بالنظام السوري لتوتير الأجواء اللبنانية، وفي هذا السياق يقول: هناك معلومات حول وصول العميد السوري محمد خلوف إلى لبنان واجتماعه في منزل النائب أسعد حردان إلى كل من رئيس حزب البعث فايز شكر والوزير وئام وهاب ومسؤول الارتباط والتنسيق في حزب الله وفيق صفا منذ ستة أيام. يكشف الضاهر هذه المعلومات ليشير إلى أنه يحمل النظام السوري وأعوانه في لبنان مسؤولية حصول أي عمل أمني في لبنان. وجدّد الضاهر القول أنّ هناك فريقاً من قوى الثامن من آذار يقوم بتوزيع السلاح في الشمال وعكار، مشدداً على أنّ هذه الجهات بيدها إدخال لبنان في الأزمة السورية، منبّهاً إلى أنّ الفريق المرتبط بالنظام السوري هو الذي يسعى للتماهي مع النظام ونقل الأزمة إلى الداخل اللبناني. ودعا حزب الله إلى تغيير سياساته تجاه الشعب السوري، واصفاً موقف الحزب المؤيد للنظام بالكارثة، مستثنياً الموقف الأخير للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الذي قرأ فيها تغييراً جوهرياً في موقف الحزب، إذ إنّها المرة الأولى التي يعترف فيها نصر الله بالمعارضين السوريين، ولا يعدهم جزءاً من المؤامرة. ورأى الضاهر أنّ سلاح حزب الله أدّى دوره في عملية تحرير لبنان، مشيراً إلى أنّ مزارع شبعا التي بقيت هي على الورق أراض سورية “ولم يعطنا النظام أيّ ورقة تثبت أنّ هذه المزارع لنا حتى نسترجعها”. مظاهرة مؤيدة للثورة السورية في لبنان (أ ف ب)