عقد وزير الخارجية الأميركي جون كيري لقاء موسعاً أمس مع لجنة متابعة مبادرة السلام العربية التي يرأسها رئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم آل ثاني، ناقشت سبل دفع جهود السلام الإقليمية ودور الجامعة العربية. وعقد كيري لقاء مع اللجنة السباعية برئاسة المسؤول القطري في مقر استضافته في «بلير هاوس» المحاذي للبيت الأبيض. وشارك في اللقاء الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي، ووزراء خارجية اللجنة المنبثقة عن القمة العربية والتي تضم مصر والسعودية والمغرب والأردن وفلسطين. وقال مسؤول أميركي ل «الحياة» إن البحث تناول «كيفية الدفع بجهود السلام الإقليمية»، مضيفاً أن واشنطن «ترحب باندفاعة الجامعة العربية للعب دور بناء في تحقيق السلام الدائم في الشرق الأوسط». وأوضح أن «الهدف هو إطلاق المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وليس لدينا أية أوهام عن الصعوبات التي تحيط العملية». وأشار إلى أن «دعم النمو الاقتصادي في الضفة الغربية هو أحد الوسائل لتسهيل الحل السياسي والذي يبقى في صلب جهودنا»، مضيفاً: «ليس هناك بديل من المفاوضات المباشرة لحل القضايا الجوهرية العالقة بين الفريقين». ويعكس الاجتماع أولوية عملية السلام في جدول أعمال كيري الذي زار المنطقة 3 مرات منذ توليه المنصب، ويسعى إلى البناء على المبادرة العربية للسلام. وكشفت مصادر قريبة من الوفد أنه سيعرض على كيري الموقف العربي من عملية السلام والوضع في الشرق الأوسط وسبل التوصل إلى تسوية سياسية تنهي حال التوتر القائمة وتهيئ الأجواء إلى تعايش سلمي بين كل شعوبها. وأردفت أن هذه الرؤية ترتكز بدرجة أساسية على مبادرة السلام العربية وضرورة التوصل إلى حل يقوم على أساس الدولتين وفقاً للرؤيا الأميركية، والتشديد على أن القضية الفلسطينية وضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي يظلان جوهر الاستقرار والأمن والسلام. ولفتت إلى أن الوفد سيؤكد تمسكه بالدخول إلى عدم جدوى أي حديث عن إجراءات لبناء الثقة أو مرحلة انتقالية باعتبارها تساهم في إضاعة الوقت لمصلحة الطرف الآخر، بل سيدعو إلى مفاوضات الحل النهائي مباشرة باعتبار أن هناك قراراً دولياً في شأن الدولة الفلسطينية من جانب الجمعية العامة يشكل خطوة مهمة نحو التسوية التي ستحقق مصالح الجانبين، إلى جانب الحفاظ على مصالح الأطراف الدولية وعلاقاتها مع المنطقة العربية. وسيشدد الوفد على عدم جدوى أية مفاوضات مع إسرائيل في ظل استمرار الوضع الراهن من سياسات وممارسات تتمثل في الاستيطان وابتلاع الأراضي والمداهمات وحملات الاعتقال، بجانب ممارساتها الوحشية ضد الأسرى. في هذه الأثناء، أكدت تقارير صحافية إسرائيلية مجدداً أن كيري يركّز في جهوده لإحياء المفاوضات على «السلام الاقتصادي» لقناعته بأن إنعاش الاقتصاد الفلسطيني من شأنه أن يطرّي الأجواء لاستئناف المفاوضات السياسية بين الجانبين. ونقلت صحيفة «معاريف» عن مصدر فلسطيني قوله إن الخطة الاقتصادية التي يعدّها كيري مع جهات اقتصادية كبرى في الولاياتالمتحدة وأوروبا تقضي بالاستثمار ببلايين الدولارات لدعم اقتصاد الفلسطينيين بهدف تغيير الأجواء الحالية المعكرة بين إسرائيل والفلسطينيين، وتتضمن قيام إسرائيل بنقل صلاحيات أمنية للسلطة الفلسطينية، مضيفاً أن ثمة مبادرة أميركية – أوروبية يتم درسها الآن تقضي بنقل السيطرة الإسرائيلية على المعابر الحدودية بين إسرائيل وأراضي السلطة الفلسطينية إلى أجهزة الأمن التابعة للسلطة. وكانت الصحيفة نشرت في وقت سابق أن كيري يدفع باتجاه خطة شاملة للإدارة الأميركية لإقامة مشاريع اقتصادية في المدن الفلسطينية من خلال شركات أميركية من شأنها أن توفر عشرات آلاف أماكن العمل الجديدة وتقوّي الاقتصاد الفلسطيني الآخذ في الانهيار. وتابعت أن الخطة الأميركية التي تعطي «السلام الاقتصادي» أولوية مقبولة على رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو، وأن الأخير كان أول من اقترح هذا النموذج كمرحلة مسبقة وحيوية للتسوية بين إسرائيل والفلسطينيين، لكنه ما زال يصر على رفضه منح الفلسطينيين فرصة إقامة مشاريع عمرانية وسياحية على أراضٍ في المنطقة «ج» الخاضعة للسلطة المدنية والأمنية الإسرائيلية، كما تقضي مسودة الخطة الأميركية. وكان كيري قال قبل أسبوعين في اختتام زيارته إسرائيل والسلطة إنه بحث في سبل إنعاش الاقتصاد في الضفة الغربية، وإنه اتفق مع نتانياهو على «بذل جهود محددة لدفع التنمية الاقتصادية وإزالة بعض العوائق والحواجز الموجودة في ما يتعلق بالتجارة في الضفة»، رافضاً الكشف عن تفاصيلها، وواعداً بأن يفعل ذلك خلال أيام. لكنه أشار إلى الاتفاق على عدم كشف التفاصيل في هذه المرحلة، والإعلان عنها الأسبوع المقبل. ووفق المصدر الفلسطيني، فإن الاقتراح الأميركي في شأن المراقبة على المعابر الحدودية يقضي بأن تكون على غرار ما حصل في معبر رفح بين قطاع غزة ومصر عندما حكمت السلطة القطاع، أي أن تكون أجهزة الأمن الفلسطينية المسؤولة عن المعابر في شكل كامل فيما يراقب ممثلون عن الاتحاد الأوروبي عمل هذه الأجهزة. لكن مصادر إسرائيلية أبلغت الصحيفة أن إسرائيل ترفض أن تجري أي تعديل على الوضع القائم بموجبه تسيطر إسرائيل على المعابر الأمنية بينها وبين أراضي السلطة. وفي ما يتعلق بالمشاريع الاقتصادية، أشار المصدر الفلسطيني إلى أن وزير الخارجية الأميركي وعد بالاهتمام بجلب مستثمرين أجانب إلى السلطة الفلسطينية، وأن شركات كبرى أعربت عن استعدادها للاستثمار في مشاريع مشتركة إسرائيلية – فلسطينية، مثل إقامة مصانع ومراكز تجارية في المنطقة «ج» تديرها جهات اقتصادية فلسطينية وإسرائيلية. وردّت المصادر الإسرائيلية بالقول إن المحادثات الاقتصادية ما زالت في طور جس النبض، وأن هناك تقدماً ما، لكن الموضوع لم يُطرح بعد على مستويات عليا.