طغى التفاؤل على تصريحات وزير الخارجية الأميركي جون كيري لدى مغادرته تل أبيب أمس متجهاً إلى لندن في ختام زيارة لإسرائيل والسلطة الفلسطينية استمرت ثلاثة أيام، إذ أعلن إحراز «تقدم» عقب محادثات «بناءة للغاية» مع المسؤولين الإسرائيليين والفلسطينيين «الذين قدموا اقتراحات جدية ومبنية جيداً حول شكل التقدم الى الامام». ودعا كيري، قبيل مغادرته مطار بن غوريون قرب تل ابيب، الى العودة السريعة الى مفاوضات السلام. وقال: «لم يرسلني الرئيس (الاميركي باراك اوباما) الى هنا لفرض او املاء خطة»، وأضاف أنه في اجتماعاته مع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو حول آفاق السلام مع الفلسطينيين اتفقا على ان «لدينا عملاً نقوم به، وسنعود للقيام بعملنا في الأسابيع المقبلة». وشدد على أنه لا ينبغي التسرع نحو إطلاق المفاوضات «إنما الأهم القيام بذلك بالشكل الصحيح». وتوقف كيري عند «الجهود الجديدة» لإنعاش الاقتصاد الفلسطيني في الضفة الغربية واتفاقه مع نتانياهو على بذل «جهود محددة لدفع التنمية الاقتصادية وإزالة بعض العوائق والحواجز الموجودة في ما يتعلق بالتجارة في الضفة الغربية»، لكنه أشار إلى أنه تم الاتفاق على عدم كشف التفاصيل في هذه المرحلة وأنه سيتم الإعلان عنها الأسبوع المقبل. وأشار مراقبون في إسرائيل إلى أن كيري عنى مشاريع اقتصادية في «المنطقة سي» الخاضعة للسلطة المدنية والأمنية الإسرائيلية، حيث يريد الفلسطينيون دفع مشاريع في البناء والبنى التحتية والسياحة لكن هذه المشاريع معلقة بسبب الرفض الإسرائيلي. وتابع كيري أن المباحثات بين إسرائيل والفلسطينيين يجب أن تدور حول قضايا الحدود والترتيبات الأمنية «وعلينا الحديث عن حدود العام 1967 وتبادل أراضٍ». وأضاف أن الرئيس اوباما يصر على أن يضمن اي اتفاق سلام حاجات إسرائيل الأمنية، «إذ لن يقوم أي زعيم إسرائيلي بالتوقيع على اتفاق سلام من دون ضمان رد واضح للمسائل الأمنية، علماً أن للطرفين احتياجات أمنية». وأشار إلى أن الرئيس محمود عباس بحث معه في قضية الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، وأنه يتفهم «تحمس الفلسطينيين لهذه المسألة المهمة بالنسبة إليهم». كما تطرق إلى المبادرة العربية للسلام، نافياً أن يكون طلب من دول عربية إجراء تعديلات عليها، معتبراً نصّها الحالي «مساهمة مهمة للحوار لكنها ليست أساساً للتفاوض». وكان كيري عقد أمس اجتماعاً لثلاث ساعات مع نتانياهو، وذلك غداة عشاء عمل جمع بينهما بحضور عدد من وزراء الحكومة الإسرائيلية، تمحور حول العملية السلمية مع الفلسطينيين والملفين الايراني والسوري. وقال نتانياهو في مستهل اللقاء إنه «عاقد العزم ليس على استئناف عملية السلام مع الفلسطينيين فحسب إنما على بذل جهد حقيقي لإنهاء الصراع مرة واحدة وإلى الأبد»، مضيفاً أنه في المفاوضات مع الفلسطينيين سيبحث أولاً في مسألتي الاعتراف (بيهودية إسرائيل) والترتيبات الأمنية. وكان كيري قال خلال عشاء العمل مع نتانياهو إن التقدم في عملية السلام في الشرق الأوسط مصلحة أمنية أميركية، مضيفاً أنه يدرك انعدام الثقة العميق بين الجانبين «لكن مع ذلك يمكن تحقيق تقدم»، داعياً الى تبني «استراتيجية بعيدة عن الأضواء» لتحريك عملية السلام» مؤكداً ان السلام «ممكن». وذكرت مصادر اسرائيلية ان الأميركيين يسعون الى إيجاد صيغة بديلة للشروط الفلسطينية والإسرائيلية المتبادلة، خصوصاً «تجميد الاستيطان» و «يهودية اسرائيل» «مثل لجم البناء في المستوطنات وتنفيذ مشاريع البناء المستوجبة فعلاً». كذلك ثمة اقتراحات بديلة بأن تنقل إسرائيل مساحات محددة من المنطقة «سي» للسلطة الفلسطينية، أو التصديق على عشر خرائط هيكلية لبلدات فلسطينية «غير قانونية» ودفع مشاريع بناء في المنطقة «سي». وذكرت المصادر الاسرائيلية انه بين الشروط الإسرائيلية الإضافية لاستئناف المفاوضات وقف جهود المصالحة بين «حماس» و «فتح» أثناء المفاوضات بين السلطة وإسرائيل.