اختتم عازف الكلارينيت التركي حسنو شينلينديريجي الدورة ال 11 من المهرجان الدولي «ليالي العزف المنفرد» في المسرح البلدي لمدينة سوسة في الساحل التونسي، بعد ليالٍ موسيقية أحياها عدد من أهم العازفين من تونس ومصر واليونان وتركيا وإيران، فضلاً عن تخصيص سهرة للغناء الأوبرالي مع التونسيين هيثم الحذيري وهندة بن شعبان. حرفية عزف شينلينديريجي وارتجالاته الحية التي امتدّت ساعتين ونصف الساعة، أبهرت الجمهور الذي حضر بكثافة إلى المسرح. وتنوّعت المقطوعات الموسيقية التي قدمها الفنان برفقة عازفين تونسيين مثل محمد حاتم هميلة ورفيق الغربي وحاتم قفصية، بين التركية الحديثة والشرقية الشاملة ذات الروح العثمانية، معرّجاً على بعض أنغام الموسيقى التونسية. كما قدم فقرة مشتركة مع عازف الكلارينيت التونسي مصطفى مامي الذي بدأ يخطو أولى خطواته نحو العالمية، فضلاً عن فقرة أخرى جمعته بعازف البزق الموزع إسماعيل تونش بيلاك. ولد شينلينديريجي في عام 1976 في مدينة برغاما، في كنف عائلة موسيقية عريقة، فجداه لأمه وأبيه كان يعزفان الكلارينيت. أما العزف على البوق فهي مهنة أبيه وجدّه أيضاً. والشاب الذي يحمل اسم جدّه لأبيه، جذبته منذ كان في الخامسة آلة الكلارينيت. التحق بمعهد الموسيقى في جامعة إسطنبول في عام 1988. ولكنه، لم يكمل دراسته، بل انصرف إلى العزف مع فرقة «magnetic tape» المشهورة التي أسسها عازف الإيقاع أوكاي تاميز. فشارك مع الفرقة في العديد من المهرجانات التركية والعالمية. وكان عضواً في فرقة «Laço» التي عرف فيها برفقة أبيه. ثم انصرف إلى عزف الموسيقى التقليدية ذات الإيقاعات الشرقية السريعة الراقصة مع مجموعته الخاصة. وبعد خبرة طويلة، أسس فرقة «Laço Tayfa» ثم فرقة خماسية سماها «Hüsnü Şenlendirici & Saz Arkadaşları» (حسنو شينلينديريجي والأصدقاء) بهدف إيصال الموسيقى التركية إلى فئات أوسع من المتلقين. وإلى جانب العدد الكبير من الحفلات العالمية، في رصيد شينلينديريجي خمسة ألبومات. وبين ليلة افتتاح المهرجان واختتامه، استمتع الجمهور التونسي بسهرات موسيقية مميزة، شارك فيها عازف الناي والكولة التونسي نبيل عبد المولاه، وعازف العود العراقي خالد محمد علي، وغيرهما. كما كانت لإيران مشاركة للمرة الأولى في «مهرجان العزف المنفرد» من خلال ثنائي «ندى طهران» مع مليحة سعيدي على آلة القانون وإرفع إطرائي على آلة السنتور. ولعلّ أهم ما يحسب لهذا المهرجان الدولي الذي ينظم خارج العاصمة، أنه يسعى إلى استضافة أكبر عدد من العازفين التونسيين إلى جانب موسيقيين أجانب وعرب من الصفّ الأول، لتشجيع المواهب التونسية ومساعدتها على الانتشار والمشاركة في تظاهرات دولية كبرى. وتأتي أهمية استضافة عازفين عالميين، لتتيح للجمهور المحلي التعرف إلى موسيقى العالم، كما تُتيح لطلاب الموسيقى التونسيين فرصة للاطلاع على أعمال هؤلاء الفنانين والاستفادة من خبراتهم عبر ورشات عمل، ليكون المهرجان بذلك مكاناً للتفاعل الفني والثقافي.