يقول التونسي حسان بن سليمان وهو أول عازف سنتور (أو سنطور) في تونس، إنّ علاقته بهذه الآلة الموسيقية العراقية التراثية، جاءت من طريق الصدفة وأنّه لدى التحاقه بالمعهد العالي للموسيقى في سوسة لمواصلة دراسته، كان يرغب في التخصص في آلة البزق. ويقول: «لم أجد هذا الاختصاص، فوجدت من شجعني على التواصل مع الأستاذ العراقي محمد زكي درويش أستاذ السنتور العراقي،... ولم أكن اعرف شيئاً عن هذه الآلة ودخلت مواقع الانترنت لمعرفة المزيد عنها فغرمت بها وبدأت علاقتي بها». علاقة بن سليمان بالسنطور جعلته يحضّر لرسالة الماجستير بدراسة «مقارنة وتحليلية بين السنطور العراقي والسمبالوم وهي آلة موسيقية موجودة بكثرة في أوروبا الشرقية». أمّا درويش فقال إنّ تلميذه «لم يكن يعرف شيئاً عن السنتور، لكنه غُرم بها وانطلقت معه، وعلى رغم أن كثيراً من أصدقائه حاول إثناءه عن دراسة هذه الآلة والتخصص فيها، إلاّ أنه ثابر واجتهد وأصبح عازفا ممتازاً». وأكد درويش أنّ «غسان بن سليمان يعدّ اليوم من أحسن عازفي السنتور في العالم». والسَنْتور آلة موسيقية وترية شبيهة بآلة القانون، ولكنها تختلف عن القانون في طريقة العزف، فالقانون يتم العزف عليه بريشتين مصنوعتين من الفضة تُلبسان في سبابتي يدي العازف اليمنى واليسرى، ثم ينقر بهما على الأوتار التي أمامه. أما السنتور، فإن العزف يتم بالضرب على أوتاره بمضربين صغيرين من الخشب، ويقوم بتبديل الأصوات بتحريك الحمالات التي تسند الأوتار وهي عادة مصنوعة من الخشب. وكانت أول حضارة استخدمت السنتور هي الحضارة البابلية. ويعتبر آلة مصاحبة للجالغي البغدادي والمقام العراقي، فله الدور الكبير في السيطرة على إيقاع الأغنية ونقل المفردات الموسيقية. وشارك بن سليمان أخيراً برفقة درويش، في عدد من العروض في إطار مهرجانات المدينة كان آخرها في مدينة المنستير على الساحل التونسي حيث قدما حفلاً في إطار مهرجان «ليالي رمضان» نظمته جمعية صيانة مدينة المنستير، في دار الشرع في قلب المدينة العتيقة بعنوان «نغمات بغدادية». وأضاف دار الشرع على السهرة حميمية ورونقاً خاصاً نظراً لتاريخية الفضاء وموقعه داخل أسوار المدينة القديمة. وكان العرض مراوحة بين قصائد الشعر العربي المأثورة والارتجالات الشعرية والموسيقية، إضافة الى كثير من الأغاني العراقية التراثية المعروفة مثل «فوق النخل» و «طالعة من بيت أبوها» و «الليلة حلوة وجميلة» و «بعاد كنتم». وضمّت الفرقة الموسيقية التي رافقت درويش وبن سليمان كلاً من عازف العود العراقي علي إمام وعازفة القانون نجوى كريم وعازف الإيقاع نبيل بن عبدالله.