أنشأ قضاة، يسعون للحفاظ على نظام قضائي مدني في مرحلة ما بعد الأسد، محكمة تشكل بديلا للمحاكم الإسلامية في منطقة يسيطر عليها المقاتلون المعارضون في حلب، في مهمة تبدو جسيمة. وتلقى المحاكم الإسلامية التي تصدر أحكامها استناداً إلى الشريعة الإسلامية، دعماً من مجموعة من القوى المسلحة الإسلامية التي يشارك مقاتلوها في إرساء حكم الشريعة. في المقابل، يواجه قضاة مجلس القضاء الموحد، المؤسسة المنافسة التي تنادي بقضاء مدني، صعوبات تتعلق بضرورة الاستحصال على الموافقة الطوعية على أحكامها من الجانبين المعنيين بها. مع ذلك، يفاخر النائب العام لمجلس القضاء الموحد مروان كعيد، وهو قاض أعلن انشقاقه عن النظام والانضمام إلى المعارضة، بتقديمه بديلاً عن المحاكم الشرعية. وتحظى المحاكم الإسلامية بدعم من الجماعات الإسلامية الأقوى في حلب، بينها "جبهة النصرة" التي أعلنت ولاءها لتنظيم القاعدة، و"أحرار الشام" و"لواء التوحيد"، المرتبطة بتيار الأخوان المسلمين. وسبق أن أصدرت هذه المحاكم الإسلامية أحكاماً بالجلد، إلا أنها لم تنزل حتى اليوم أحكاماً بقطع أطراف أو بالرجم. إلا أن هذا القضاء الإسلامي يثير مخاوف لدى الحاج عثمان، وهو طبيب يعالج الجرحى في المناطق التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة. فقبل شهر، جرى اعتقال هذا الطبيب على يد شرطيين مرسلين من المحكمة الإسلامية بعد سحبه من مكتبه ملصقاً تظهر فيه الشهادتان. وتم إخلاء سبيله في اليوم التالي، إلاّ أنه عبّر عن قلقه "من الطريقة التي جرى استدعاؤه بها، من دون أي مذكرة توقيف رسمية". وأكد الحاج عثمان أن "على السلطة أن تكون مختلفة عن نظام الأسد"، مشيراً إلى أنهم لا يريدون "استبدال نظام ديكتاتوري بنظام ديكتاتوري آخر". كذلك واجه القاضي كعيد متاعب مع القضاء الإسلامي، إثر اعتقال القضاة الإسلاميين موظفين في المحاكم المدنية كانوا يريدون استصلاح أحد المباني لإقامة محكمة مدنية فيه. إلا أن كعيد قال إنه "في النهاية، كلنا أخوة لأن من يقاتل النظام هو صديقي"، مشكّكاً في "إمكان الجمع بين النظامين القضائيين".