بوروسيا دورتموند يذيق ريال مدريد من ذات الكأس المرة التي أذاقها بايرن ميونيخ لبرشلونة. بالأربعة، الألمان يلقّنون الإسبان درساً ثانياً في غضون يومين في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا لكرة القدم. أما نجم المباراة فكان البولندي روبرت ليفاندوفسكي برباعية ... هنا سيغنال إيدونا بارك. وما أدراك ما الإيدونا بارك، الأكبر إتساعاً للجمهور في ألمانيا (حوالى 82 ألف متفرّج). الملعب الذي يدخل الخوف والرهبة إلى قلوب قاصديه. هنا كرة القدم بصخبها وولعها، بجنونها وفنونها. هنا جمهور دورتموند لا يهدأ. يتنفس كرة القدم ويحسن استقبال الضيوف على طريقته. ريال مدريد كان الضيف مساء الأربعاء (24 نيسان/أبريل). عاد "الملكي" مجدداً إلى هذا الملعب. لم يغب طويلاً. فمنذ أشهر معدودة لعب على عشبه وفهم الحكاية. حكاية ملعب وجمهور وفريق إسمه بوروسيا دورتموند. فريق بدا قوياً إلى أبعد الحدود هذا الموسم ولمع أكثر ما لمع أمام "الملكي" نفسه في دور المجموعات (2-1 في ملعبه و2-2 خارجه). المدريديون جاؤوا هذه المرة رافعين لواء الثأر. قالوها جهراً: تعلمنا من الدرس السابق وسنسير قدماً نحو ويمبلي (مسرح المباراة النهائية في 25 أيار/ مايو) لإستعادة أمجادنا الغابرة. أما الألمان فكانوا واضحين: سنفعلها ثانية ب"الملكي" وسنمضي الى حلمنا الذي عشناه في 1997 (توّج بلقبه الوحيد في دوري أبطال أوروبا)، وما بين الطرفين مدربان يتربص أحدهما بالآخر: البرتغالي جوزيه مورينيو الذب ي لم يفز بعد على الملاعب الألمانية ويورغن كلوب. إذاً، ملامح المعركة باتت واضحة. هي معركة ثأر وتأكيد الإنتصار. هي معركة كفاءات وردّ إعتبار. لم يبق سوى وضع النقاط على الحروف. البداية كانت مثالية لأصحاب الأرض. الدقيقة الثامنة: كرة من منتصف الملعب يتركها ماركو رويس بذكاء من بين قدميه لماريو غوتزه (المنتقل في الأول من تموز/يوليو إلى بايرن ميونيخ) والأخير يلعبها عرضية ليتابعها القناص البولوني روبرت ليفاندوفسكي في الشباك. هدف مبكر. هل نحن أمام تكرار لما حدث في الليلة السابقة في "أليانز أرينا" معقل بايرن؟ تساءل كثرن. دورتموند يزيد من ضغطه عبر التناقل السريع للكرة والتسلّم والتسليم المميزين. الدقائق تمضي على هذه الحال. قلنا معركة بين المدربَين إذاً. مورينيو يعطي تعليماته: سنُقتل إذا ما بقينا في الخلف، محجمين عن الإندفاع. إنطلق يا رونالدو أنت والرفاق إلى الإمام. المشهد يتبدّل بالفعل والملكي يلامس منطقة جزاء الخصم، وها هي الدقيقة 43 تحمل النبأ السار: هدف لرونالدو من متابعة لتمريرة الأرجنتيني غونزالو هيغواين بعد كرة مباغتة لُعبت من خط التماس. هدف أربك الألمان وأزعجهم. الشوط الأول ينتهي على خيبة في الايدونا بارك. قلنا مباراة مدربين. كلوب يعطي تعليماته للاعبيه بين الشوطين: إلى الهجوم مجدداً. اللاعبون لم يخيّبوا ظن مدربهم. الدقيقة 50: دربكة في منطقة ريال يتابعها رويس فتصل الكرة إلى ليفاندوفسكي وبسهولة في الشباك. يبدو أنها ليلة البولندي. الدقيقة 55: تصل الكرة إلى مارسيل شميلزر الذي يسددها فتصطدم بأحد المدافعين وتصل إلى ليفاندوفسكي وبطبيعة الحال الكرة... في الشباك، البولندي يؤكد طول باعه. الدقيقة 66: ركلة جزاء بعد تدخّل من شابي ألونسو على رويس. هدف رابع. المسجل؟ من غيره... ليفاندوفسكي. قلنا مباراة المدربين: مورينيو يحاول التدخّل ويزج بكامل أوراقه (البرازيلي كاكا وأنخل دي ماريا والفرنسي كريم بنزيما)، لكن هيهات، الكلمة العليا كانت أمس، مجدداً، لكلوب. الحكم يطلق صافرته وال"سبيشيل وان" يقر بتفوق خصمه ويصافحه. الخلاصة: درس ثانٍ وأشدّ قساوة من دورتموند لريال مدريد هذا الموسم. درس ألماني ثانٍ، وبالأربعة، للإسبان في ظرف يومين. الألمان يرعبون الإسبان. لا بل كل العالم. ليلة مخيبة لمورينيو بامتياز أمام دورتموند؛ إذ إن الخسارة 1-4 هي الأقسى التي يتعرض لها المدلاب البرتغالي في دوري أبطال أوروبا خلال مسيرته. كما أنها أقسى خسارة لريال مدريد بقيادة مورينيو منذ أن تسلّم مقدراته، بعد الأولى الشهيرة أمام برشلونة 0-5 عام 2010.