عطفاً على الحديث عن العلاقة التكاملية بين مرفقي القضاء والإعلام، والسعي الحثيث والبنّاء لتعزيز الصلة الإيجابية بينهما، وتجسير الهوة المفتعلة وردمها، وصولاً لتحقيق ما تنشده المؤسستان من أهداف سامية تخدم العدالة وتنصر المظلوم وتصطف لجوار أصحاب الحقوق. ولكي يحقق الإعلام ذلك بمهنية واحترافية عاليتين فإن من المتعين عليه ألا يؤثر في سير المحاكمات، أو يسعى لتكوين الرأي العام في ما هو منظور من تلك النزاعات، فضلاً عن أن يجتزئ الحقيقة أو ينقل القصة برواية أحد أطرافها، أو يخلط بين الحكم الابتدائي والنهائي، أو أن يتشابه عليه التعليق على الواقعة المادية أو الحكم القضائي ذاته. مع بقاء الساحات مفتوحة للمشاركة في نشر الثقافة الحقوقية، وتعزيز القانون الوقائي في المجتمع، والنهوض بدور طلائعي بارز لإشاعة الوعي الاستباقي الذي يحمي أفراد المجتمع ومؤسساته من أي نزاعات أو خلافات تهدد السلم الاجتماعي فيه، وفق ضوابط موضوعية ترسخ وتعزز حضور الإعلام القضائي المتوازن والعادل. ولعل من أبرز ما يمكن الحديث عنه في هذه المرحلة ما يخص «النشر الإلكتروني»، لاسيما والإعلام الجديد يحتل مكانة بارزة في المرحلة الحالية تنافس كل وسائل الإعلام التقليدية. وعليه فقد صدر الأمر بالموافقة على إضافة «نشاط النشر الإلكتروني» إلى الأنشطة الواردة في المادة الثانية من نظام المطبوعات والنشر، وبناءً عليه صدرت اللائحة التنفيذية لنشاط النشر الإلكتروني وجاء في المادة (3) منها أنه: «يخضع نشاط النشر الإلكتروني المحدد في المادة الثانية لأحكام النظام، وهذه اللائحة»، كما تضمنت المادة الرابعة من اللائحة ذاتها الأهداف المتوخّاة منها، ومن ذلك «حماية المجتمع من الممارسات الخاطئة في النشر الإلكتروني» و«حفظ حقوق الأشخاص في الدعوى لدى الإدارة المعنية في حال الشكوى». وفي تلك النصوص يتبين خضوع نشاط النشر الإلكتروني لهذه اللائحة ولنظام المطبوعات والنشر ابتداءً، وما جاء فيهما من أحكام ونصوص في شأن الاختصاص، وتحديد المسؤولية عن المحتوى المنشور، وكذلك إجراءات الشكوى، والتحقيق والمساءلة، والتحقق من صحة الشكوى، ومن ثَمّ إيقاع العقوبة المناسبة لتلك المخالفة. ومع تطور وسائل الإعلام فإن الحاجة ستبقى ملحةً للتأهيل والتدريب المستمر في شأن الإعلام القضائي المتخصص، وصولاً لميثاق شرف مهني ينسجم مع الهدف السامي الذي تضطلع به هاتان السلطتان الكبيرتان. * محامٍ، ومستشار قانوني. [email protected]