طالبت واشنطن بتأجيل انتخابات السودان إلى ما بعد وقف الحرب وإقامة حوار، فيما أبدت الخرطوم أن أقصى طموحاتها في العلاقات مع الأميكريين هي التوصل إلى معادلة «تركها وشأنها». أتى ذلك في وقت تحدث وزير الخارجية السوداني علي كرتي، عن تطور إيجابي في الموقف الأميركي والأوروبي من الحوار الوطني الشامل في البلاد الذي دعا إليه الرئيس عمر البشير. وأوضح كرتي أن الغرب ينتظر نتائج هذا الحوار للتأكد من جديته، وأنه ليس «تمثيلية» أو إضاعة للوقت. وكشف كرتي أمس، عن «نجاح السودان في اختراق حائط الحصار الغربي المفروض على البلاد في الكثير من القضايا»، أهمها النجاح في انتزاع ملف آبيي المتنازع عليه مع دولة الجنوب من مجلس الأمن وإعادته الى الاتحاد الأفريقي. وأشار إلى شروط من بعض الدول العربية لحل مشكلة التحويلات المصرفية، وأقرّ بتعطل العديد من الاستثمارات الضخمة لأسباب غير معلنة بسبب ضغوط غربية. وأعلنت الإدارة الأميركية انها تتطلع الى اعادة التطبيع مع الحكومة السودانية وإنهاء حال التوتر بين البلدين، لكنها طالبت الخرطوم بحزمة مطالب لتحسين هذه العلاقة. وقال دونالد بوث المبعوث الرئاسي الأميركي الى السودان خلال مؤتمر في واشنطن، ان «العلاقات مع الخرطوم ظلت رهينة عدم ثقة وانعدام تواصل». وطالب الحكومة السودانية بإيقاف الحرب في في جنوب كردفان والنيل الأزرق وإقليم دارفور، والعمل على منح مواطني «الهامش» حقوقهم السياسية والثقافية، مؤكداً أن الولاياتالمتحدة لا تريد أن تجعل الشعب السوداني «كبش فداء» للعلاقة المتوترة بينها وبين النظام السوداني. وأضاف أن الدعوة إلى حوار وطني جيدة، لكنها تحتاج إلى جملة من المتطلبات لإنجاحها ومن بينها تأجيل الانتخابات المقررة في نيسان (أبريل) المقبل، على ان تسبق ذلك مفاوضات لوقف دائم لإطلاق النار ومحادثات خارج السودان مع الحركات المسلحة ومن ثم محادثات لبناء الثقة برعاية الاتحاد الأفريقي. في المقابل، قال وزير الإعلام السوداني احمد بلال ان الملف الأميركي - السوداني «يتسم بشيء من عدم المنطقية والواقعية»، ورأى أن واشنطن تتصرف مع الخرطوم «في شكل لا يراعي مصالحها، فهي أول من اكتشف النفط في السودان في عام 1983 غير أن شركاتها رحلت بعد إعلان الرئيس السابق جعفر نميري تطبيق الشريعة، ما دفع السودان الى دول آسيوية مثل الصين لاستثمار ثروته النفطية». وأضاف أن الأميركيين تدخلوا لوقف الحرب بين الشمال والجنوب، ووعدت واشنطن بشطب اسم السودان من لائحة الدول الراعية للإرهاب وإعفائه من ديونه الخارجية وتطبيع علاقات الدولتين. وزاد بلال:«لم يفوا بوعودهم، بل تسبّبوا بمشكلة دارفور، والآن تكرّر أميركا الموقف، وتقول إنه في حال التوصل الى تسوية سياسية في السودان ستكون هنالك حوافز». وزاد:»نحن لا نصدق أميركا، لكن إذا وصلنا مع واشنطن لمعادلة بأن تتركنا وشأننا فهذا أكثر ما نطمح إليه».