رأى المحلل الأول في وكالة الطاقة الدولية انطوان هاف أمس، أن «منظمة الدول المصدرة للنفط» (أوبك)، قد لا تلعب بالضرورة بعد الآن دور المنتج المرن الذي يحقق التوازن في سوق النفط. وأشارت الوكالة إلى أن العالم سيشهد نمواً أضعف كثيراً من المتوقع في الطلب على النفط عام 2015، لافتة إلى انها تتوقع تسجيل أسعار الخام مزيداً من الانخفاض. ووفق هاف يجب خفض الإنتاج من مشاريع مرتفعة الكلفة مثل النفط الصخري في الولاياتالمتحدة وإنتاج الخام من الرمال النفطية في كندا ومن المياه العميقة في البرازيل، لتحقيق التوازن في السوق حين تهبط الأسعار. وجاء في التقرير الشهري للوكالة «يبدو أن الانخفاضات التي شهدتها الأسعار أخيراً سببها العرض والطلب، وقد تدعو الحاجة إلى مزيد من الانخفاض في أسعار النفط للحد من المعروض، أو لتعزيز نمو الطلب. وأعلنت الوكالة خفض تقديراتها لنمو الطلب على النفط هذه السنة بواقع 200 ألف برميل يومياً إلى 0.7 مليون برميل يومياً. وتوقعت ارتفاع الطلب في 2015 بواقع 1.1 مليون برميل إلى 93.5 مليون برميل يومياً بزيادة 1.2 في المئة ولكن بما يقل 300 ألف برميل عن التوقعات السابقة. وورد في التقرير أن «نمو الطلب (...) ربما وصل إلى القاع، وبينما خُفّضت التوقعات الاقتصادية إذ خفف صندوق النقد الدولي توقعاته للمرة الثالثة هذا العام، فهو يتمسك برؤيته لاستمرار التعافي الاقتصادي، على رغم أنه أبطأ وأكثر هشاشة من التوقعات». وأضاف أن الانخفاض الشديد في أسعار النفط منذ الربع الثاني من السنة قد يوفر بعض الدعم لنمو الطلب العالمي على الخام لكن ربما تكون الغلبة للمناخ الاقتصادي العام الضعيف. في الوقت ذاته، زاد معروض النفط العالمي نحو 910 آلاف برميل يومياً في أيلول (سبتمبر) إلى 93.8 مليون برميل يومياً مع ارتفاع الإنتاج داخل «أوبك» وخارجها. وزاد الإجمالي 2.8 مليون برميل يومياً على مستواه قبل سنة، مع عودة إنتاج «أوبك» إلى النمو والارتفاع الكبير في الإمدادات من خارج المنظمة بواقع 2.1 مليون برميل يومياً. وتوقعت الوكالة نمو المعروض خارج «أوبك» إلى 1.3 مليون برميل يومياً في المتوسط عام 2015. وجاء في تقريرها «ما زال إجمالي إنتاج السوائل في الولاياتالمتحدة يتجاوز إمدادات النفط الروسية والسعودية، ونتوقع أن يزيد على 12 مليون برميل يومياً الشهر المقبل وسيظل فوق هذا المستوى حتى كانون الأول (ديسمبر) 2015». إلى ذلك، أكدت الوكالة أن الغارات الجوية التي تقودها الولاياتالمتحدة قلّصت قدرة تنظيم «الدولة الإسلامية» على إنتاج النفط وتهريبه وتكريره، استناداً إلى ما صرّح به مسؤولون غربيون وعراقيون. وأظهر التقرير أن استهداف التحالف المنشآت النفطية التي تسيطر عليها «الدولة الإسلامية»، خفض إنتاجها من الخام إلى نحو 20 ألف برميل يومياً من نحو 70 ألفاً بعد اتساع رقعة الأرض التي تسيطر عليها الجماعة في الصيف. وأفاد مسؤولون لم يُكشف عن هوياتهم بأن الحملة نجحت في تقليص كميات الخام الذي يهرّب إلى أقل من عشرة آلاف برميل يومياً من 30 ألفاً. ووفق التقرير سيطرت «الدولة الإسلامية» على ثلاثة ملايين برميل من النفط الخام من الصهاريج وخطوط الأنابيب خلال تقدمها السريع في الأراضي العراقية. إلى ذلك، استبعدت مصادر في «أوبك» أن تدعو المنظمة إلى عقد اجتماع طارئ مثلما اقترحت فنزويلا لبحث هبوط أسعار النفط. ويعد هذا مؤشراً إلى أن «أوبك» ليست في عجلة من أمرها لبحث اتخاذ إجراء جماعي رداً على الانخفاض الحاد في الأسعار. ودعت فنزويلا العضو في «أوبك» الأسبوع الماضي، إلى عقد اجتماع طارئ ولكن الاقتراح قوبل بفتور من أعضاء آخرين في «أوبك». ومن المقرر أن تعقد المنظمة اجتماعها الدوري التالي في 27 تشرين الثاني (نوفمبر) في مقرها في فيينا. وقال مندوب للمنظمة طلب عدم الكشف عن اسمه «الاجتماع الدوري ليس بعيداً (...) وستكون مفاجأة إذا اجتمعت أوبك قبل ذلك». وأضاف «الطلب خلال موسم الشتاء من شأنه دعم سوق النفط في الشهور المقبلة، وارتفاع الدولار عوّض جزئياً أثر انخفاض أسعار النفط بالنسبة إلى بعض المنتجين». وتابع «في هذا الوقت من السنة، طبيعي حدوث بعض الضعف في الأسعار». ومن الإمارات، أكّد وكيل وزارة الاقتصاد الإماراتية، محمد بن عبد العزيز الشحي لصحافيين، أن انخفاض أسعار النفط لن يضرّ بالناتج المحلي الإجمالي الإماراتي هذه السنة. ولفت إلى أن النفط لا يمثل سوى 30 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للإمارات، موضحاً أن اقتصاد بلده أصبح اكثر تنوعاً. ونقل موقع وزارة النفط الإيرانية على الإنترنت (شانا) عن نائب وزير النفط الإيراني ركن الدين جوادي، قوله إن هبوط أسعار النفط لن يدوم طويلاً ويُستبعد أن يضر بموازنة البلد. ونسب الموقع إلى جوادي قوله «انخفاض سعر النفط لن يدوم طويلاً». وأضاف «أعتقد أن التكهنات في شأن مستقبل المسار النزولي لأسعار النفط في السوق تستند أساساً إلى تقويمات من السوق.» ورداً على سؤال حول إن كان انخفاض أسعار النفط سيضر بموازنة إيران قال «لا اعتقد ذلك». وفي الأسواق، نزل سعر «برنت» إلى ما دون 88 دولاراً للبرميل ليعود إلى أدنى مستوياته في نحو أربع سنوات الذي سجله أول من أمس بعد أن خفّضت وكالة الطاقة الدولية توقّعاتها للطلب. وهبط خام القياس الأوروبي أكثر من 20 في المئة من أعلى مستوياته هذه السنة والذي سجله في حزيران (يونيو) مع ارتفاع إمدادات المعروض وتباطؤ الطلب العالمي. ونزل سعر «برنت» 1.15 دولار إلى 87.74 دولار للبرميل والذي كان أدنى مستوياته في الجلسة أول من أمس وأقل سعر منذ كانون الأول (ديسمبر) 2010، لكنه عاد ليتعافى إلى نحو 87.85 دولار للبرميل. وتراجع سعر الخام الأميركي 80 سنتاً إلى 84.94 دولار للبرميل.