هواية قديمة سرقت وئام وليد الجمال من الوظيفة فنجحت وأبدعت وسطرت لنفسها قصة نجاح انطلقت من البيت تستحق أن تحذو حذوها كل فتاة شابة طموحة تشق طريقها بنفسها من دون الاتكال على أحد، إذ استهوتها الكتابة والرسم على ال«تي شيرتات» وصناعة علب الهدايا وتصاميم الشعارات حتى أبدعت ونجحت في مجال يبدو غير مألوف كثيراً في مجتمعها وأصبح لها زبائن من جميع أنحاء المملكة العربية السعودية ودول الخليج. وتشير وئام إلى أنها بدأت بأدوات قليلة وبسيطة جداً وبمفردها، أما الآن فأصبح لها فريق يتكون من فتاة ترسم وفتاة تجيد الخياطة ولكنها تقوم بعملها بنفسها من دون الاستعانة بمساعدة وهو ما تعتبره سر نجاحها إذ إنها تستمتع بإنتاجها وما صنعته يداها. ولقصة نجاح وئام أو «ويمات» حسب الاسم التجاري الذي تطلقه على منتجاتها منعطفات ونقاط تحوّل كما ترويها ل «الحياة»، وتقول وئام التي تخرجت في الجامعة عام 1428ه قسم أحياء دقيقة إن الرسم على ال«تي شيرتات» والحرير كان هوايتها المفضلة والتي تستغرق منها جل وقتها قبل دخول الجامعة، وحينما حانت لحظة تحديد مستقبلها رفضت والدتها انخراطها في مجال التصاميم والرسم فرضخت لرغبة الوالدة وتسجلت في قسم علمي، وأثناء دراستها الجامعية ابتعدت كل البعد عن هوايتها وسرقتها الدراسة والحياة العملية للمختبرات من هواية أبدعت فيها. وتتابع وئام: إنها بعد تخرجها في الجامعة عملت في المختبرات في مستشفيات عدة لكنها صدمت بنظام التشغيل الذاتي وراتب 1500 أو 2000ريال والذي لا يفي متطلبات الحياة الضرورية، الأمر الذي ادى بها إلى ترك العمل في مجال دراستها، إلا أنها وأثناء زخم العمل تذكرت هوايتها القديمة فتركت الوظيفة دون أن تأسف عليها وبدأت بكل حماس في العمل الجديد الذي استهواها منذ صغرها. وتروي وئام أول خطوة لها في مجال العمل وليس كهواية كما كانت، وتقول: «جمعت كل ما لدي من نقود واشتريت الأدوات، وبدأت أرسم وأبتكر التصاميم وكنت مستمتعة جداً بما أفعله فلم أكن أشعر بأني أعمل، وما زلت لا أشعر بأني أعمل بل أشعر بأني أفعل شيئاً أحبه وأستمتع بعمله وأستغل وقتي في ما استهواني وكذلك يدر علي دخلاً جيداً»، وهكذا بدأت على نطاق أقاربها وصديقاتها اللاتي أعجبن بإنتاجها وتصاميمها ومن ثم توسعت إذ كانت ثاني خطوة لها الاشتراك في بازار لكي يتعرف عليها الناس، وفي البازار الذي تعتبره نقطة تحول في حياتها تعرفت الزبونات على منتجاتها بعيداً عن نطاق الصديقات والأقارب وتعرفت على زبائن يبدون رأيهم بصراحة من دون مجاملة ويتعاملون معها على مبدأ «أنا أدفع المال مقابل منتج جيد»، ولكنها استطاعت وبكل ثقة وجدارة كسب مودة الزبائن وإعجابهم بإنتاجها وحماسها وذوقها الرفيع في تصاميمها الذي أكسبها شهرة على مستوى الخليج العربي. وتعزو وئام الجمال نجاحها إلى عوامل عدة منها انها لا ترضى بأي خامات وإنما تشتري أغراضها من ماركات معروفة، إضافة إلى أنها دائمة التطور بنفسها والبحث عن كل ما هو جديد عن طريق الإنترنت وتعليم نفسها بنفسها، واستغلال مواقع التواصل الاجتماعي للتسويق لمنتجاتها، وتؤكد أن دعم أسرتها لها نفسياً من أهم عوامل نجاحها. وتلخص وئام العقبات التي صادفتها في بدايتها قائلة: «المادة كانت أولى العقبات إذ اعتمدت على نفسي مادياً ولم أحبذ السلف لأني لم أكن أريد أن أصعد على حساب غيري أردت النجاح بالاعتماد على نفسي»، مشيرة إلى أن كل من يرغب في الدعم له أطماع مادية إذ إنها وجدت ممولين إلا أنهم يشترطون افتتاح المشروع بأسمائهم فشعرت أنها ستصبح مجرد عاملة وليس مشروعها فرفضت بشدة نسبة نجاحها إلى غيرها، مؤكدة: «أما الآن فالحمدلله مشروعي يدر علي دخلاً جيداً وأرباحاً ممتازة جعلتني أستقل مادياً». أما العقبة الثانية التي واجهتها فكانت اجتماعية إذ إنها تعمل من البيت وبعض الزبونات يتحفظن في المجيء إلى البيت لتسلم الطلب ما اضطرها إلى توصيل منتجاتها للزبائن بنفسها. وتضيف: «أكثر عقبة واجهتني أن الناس لا تقدر الأعمال اليدوية ويساومون في السعر مقارنة مع سعر المطبعة، لكن لو فكروا قليلاً لوجدوا أني أقدم لهم المنتجات على حسب الطلب ومن الممكن أن أقسم لهم الطلبية إلى أقسام عدة كل قسم بتصميم وألوان مختلفة بينما المطبعة تعطيهم الطلبية كلها بالتصميم نفسه، هذا إضافة إلى أني أعمل على كل تي شيرت بيدي وليس طباعة». وأخيراً تتمنى وئام دعم الفتيات في مجال الرسم على التي شيرتات وتغليف الهدايا والتصاميم وتقول: «بنات كثيرات مبدعات في هذا المجال إلا أنهن لا يجدن من يدعمهن سواء مادياً أم اجتماعياً»، مشيرة إلى أن هناك الكثير من المواهب المدفونة في البيوت والتي من حقها أن ترى النور وتعطى الفرصة، متمنية بأن تجمع أكثر من مجال تحت سقف واحد وتوضح: «حاولت عمل مشروع يجمعني بفتيات لهن هوايات مختلفة من الفنون فأنا أرسم على التي شيرتات والحرير وفتاة أخرى تبدع في الكوش وهكذا إلا أنه واجهتنا عقبة إيجار المحل إضافة إلى أن بعض الفتيات رفض أولياء أمورهن فكرة عملهن في محل. وبرغم كل العقبات التي واجهت وئام إلا أنها لم تحبطها أو تجعلها تيأس فما زالت تحلم وطموحها لا يقف عند حد معين إذ تطمح بافتتاح محال عدة في كل مدينة محل وأن تشرف على محالها بنفسها وتبيع للزبائن بنفسها.