كان على هوغو تشافيز قطع مسيرته المهنية العسكرية بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة في 1992. المثير أن المحاولة تلك اعتبرت بداية حياته السياسية. بالنسبة إلى تشافيز كان الجيش في مركز «العملية الثورية» ولم ينسَ أبداً أن فيديل كاسترو قال لسلفادور أليندي، الرئيس التشيلي الذي أطاحه انقلاب قاده الجنرال أوغوستو بينوشيه في 11 أيلول (سبتمبر) 1973: «للقيام بالثورة، ينبغي أن يقف الجيش إلى جانبك». كان تشافيز عنصراً من أولى دفعات الضباط ذوي الأصول المتواضعة الذين تمكنوا من الحصول على تعليم عال داخل الجيش، بعد إصلاح إجراءات التجنيد في السبعينات. والجيش من الأعمدة الرئيسة في النظام التشافيزي. لم يثق تشافيز بالمدنيين. كان على الأخوين كاسترو الإلحاح عليه ليعيّن المدني نيكولاس مادورو خليفة له. أكثر من ثلث الوزراء من العسكريين و11 محافظاً من 23 هم جنرالات سابقون. والجيش مكلف تنظيم الانتخابات ويؤدي دوراً محورياً في تنمية الاقتصاد الإقليمي، وفق الدستور. ويقود الحزب التشافيزي عسكريون، وزعيمه ديوسدادو كابيللو الذي يتولى أيضاً رئاسة الجمعية الوطنية، رفيق سابق في القطعة العسكرية التي كان يخدم فيها «قائد اشتراكية القرن الحادي والعشرين». ومع تدهور توزيع الطاقة الكهربائية واتسامه بالفوضى، أمر مادورو الأسبوع الماضي ب «عسكرة» المنشآت الكهربائية. وأثناء الحملة الانتخابية ضاعف المرشح التشافيزي إلى الرئاسة إشاراته الموجهة إلى الجيش. أعلن برنامجاً اجتماعياً ضخماً موجهاً إلى العسكريين. المرشح المنافس إنريكه كابريلس، المدرك للدور المركزي للقوات المسلحة، وجه تحية إلى الجيش في اليوم الانتخابي، وقابل ممثلي القيادات العليا للجيش قبل وقت قصير من إعلان فوز نيكولاس مادورو. وكان العسكريون استقبلوا باستياء اختيار تشافيز مادورو خليفة له. ويوضح الجنرال السابق أنطونيو ريفيرو الذي كان مقرباً من تشافيز قبل إبعاده بسبب معارضته «المسار الشيوعي» للنظام، أن مادورو «مدني وقريب من الكوبيين». ويبدي العسكريون مقداراً كبيراً من التحفظ حيال نيكولاس مادورو نظراً إلى عدم اعتبار النفوذ الكوبي داخل الجيش أمراً مشكوراً في الثكن. وأعيد توجيه كامل الاستراتيجية العسكرية الفنزويلية في الأعوام القليلة الماضية لتقترب من تقنيات «المقاومة على الطريقة الفيتنامية» بتأثير من المستشارين الكوبيين المشاركين في اتخاذ القرارات الأهم داخل القوات المسلحة الفنزويلية. يتشارك في رفض إضفاء الطابع الكوبي على فنزويلا، قطاع عريض من المدنيين. * صحافي، عن «لوفيغارو» الفرنسية، 16/4/2013، إعداد حسام عيتاني