أقر البرلمان السوداني بتمدد ظاهرة الجماعات المتطرفة والمذهب الشيعي في البلاد وحذّر من انتشاره بصورة واسعة وسط الشباب، فيما تلقى حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان دعوة نادرة من واشنطن لإجراء حوار مع الإدارة الأميركية في شأن الملفات التي تبطئ تطبيع العلاقات بين البلدين. وحذّر نائب رئيس البرلمان السوداني هجو قسم السيد من تمدد «الانحرافات الأخلاقية والفكرية» في أوساط الشباب لا سيما بعد تغلغل المذهب الشيعي في البلاد، كما قال. وشدد على ضرورة تحصين الشباب بتذكية «الروح الوطنية وتدعيم الظواهر الإيجابية»، وأعلن الشروع في ترتيبات للانخراط في حوار جامع مع شباب الأحزاب السياسية المعارضة والحزب الحاكم على حد سواء. وأقر السيد لدى مخاطبته ملتقى الاتحاد الوطني للشباب السوداني (التابع للحزب الحاكم) بضعف التربية الوطنية وسط شباب الجامعات والمدارس، مشيراً إلى أن الشباب يعرفون أسماء اللاعبين الرياضيين أكثر من قيادات البلاد الوطنية. وأوضح أنه ناقش مع وزير الشباب والرياضة قضايا الشباب الملحة ومنها تمدد التيار السلفي وتغلغل المذهب الشيعي في البلاد، وحذّر من تمدد الانحرافات الأخلاقية والفكرية وسط الشباب. إلى ذلك، قالت تقارير شبه رسمية في الخرطوم أمس إن حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان بزعامة الرئيس عمر البشير تلقى دعوة لزيارة قيادات من الحزب إلى واشنطن لإجراء حوار مع الإدارة الأميركية. وأكد مسؤول في الحزب الحاكم تلقي الدعوة لكنه قال إن الحزب لم يدرسها حتى الآن على أي من مستوياته المؤسساتية أو القيادية. وتعتبر الدعوة هي الأولى لإجراء حوار سياسي مباشر بين حزب البشير والإدارة الأميركية، وذلك عقب إعلان البشير رغبته في إجراء حوار مع القوى السياسية لصوغ دستور جديد للبلاد، وتعهده إتاحة الحريات وإطلاق المعتقلين السياسيين. وتسعى الخرطوم إلى إقناع واشنطن برفع العقوبات التي تفرضها عليها وشطب اسم البلاد من لائحة الدول الراعية للإرهاب. غير أن الإدارة الأميركية ترهن ذلك بتسوية النزاع في دارفور وولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق وتحسين أوضاع حقوق الإنسان وإقرار الحريات. إلى ذلك، أكد القائم بالأعمال الأميركي في الخرطوم جوزيف ستافورد التزامهم بالتعاون والحوار مع الحكومة السودانية على كل المستويات بالرغم من التحديات التي تواجه العلاقة بين البلدين التي تتطلب، كما قال، إبداء حسن نيات ورغبة، مشيراً إلى توافر ذلك لدى بلاده. وكشف خلال مؤتمر صحافي أن بلاده تجري مشاورات مع حركات دارفور المتمردة لإقناعها بوضع السلاح والتفاوض مع الحكومة فضلاً عن تبنيها حواراً مع الحكومة والسلطة الإقليمية والبعثة الأممية الأفريقية المشتركة «يوناميد» من أجل الوصول إلى تسوية سياسية مع الحركات المسلحة. وشدد القائم بالأعمال على عدم قدرة بلاده على فرض إستراتيجية للسلام الشامل في السودان من دون رغبة الحكومة وشعب السودان، مشيراً إلى أن الحكومة والشعب السوداني هما من يفرضان إستراتيجية السلام وأن بلاده تحترم قرارهما ورؤيتهما للسلام في البلاد. وأعلن ستافورد أن البيت الأبيض سيعيّن قريباًَ مبعوثاً إلى دولتي السودان وجنوب السودان بدل المبعوث السابق برنستون ليمان الذي استقال أخيراً. وحض الأطراف في ملف دارفور على بذل الجهود لنزع السلاح والتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين الحكومة والحركات المسلحة وتقوية نظام العدالة، مؤكداً استمرار الإدارة الأميركية في دعم وثيقة الدوحة لسلام دارفور باعتبارها تمثل خريطة طريق للحل السلمي في الإقليم، لافتاً إلى أن تطبيق الاتفاق يمضي ببطء وطالب بتسريعه. ودعا ستافورد دولتي السودان وجنوب السودان إلى إيجاد أرضية مشتركة بين الجانبين تمهيداً للوصول إلى حل نهائي لقضية أبيي المتنازع عليها بين الخرطوم وجوبا، مطالباً البلدين بضرورة تشكيل السلطات التنفيذية والتشريعية لأبيي في أقرب وقت ممكن. وكشف دعم بلاده لمقترح الوسيط الأفريقي ثابو مبيكي في شأن حل قضية أبيي باعتباره «يخدم مصالح» الدولتين. من جهة أخرى، قال الناطق باسم حزب المؤتمر الوطني الحاكم، ياسر يوسف، إن حزبه لا يعبأ برئاسة الأمين العام ل «الحركة الشعبية - الشمال» ياسر عرمان لوفد مفاوضات الحركة مع الحكومة التي من المقرر أن تبدأ اليوم في أديس أبابا لتسوية النزاع في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، ما يُعتبر تراجعاً عن موقف الحزب الرافض لوجود عرمان على رأس المفاوضين باعتباره لا يمثّل المنطقتين المتفاوض عليهما. وقال يوسف إن وجود عرمان أمر يخص «الحركة الشعبية»، مؤكداً أن مرجعية التفاوض هي اتفاق السلام وبروتوكول المنطقتين. ونفى أن يكون حزبه تلقى دعوة من معارضيه للمشاركة في المفاوضات، لافتاً إلى أن التفاوض يتم بين طرفين هما الحكومة والمتمردون. وأعلن يوسف تخلي حزبه عن شرط فك ارتباط المتمردين الشماليين مع جيش جنوب السودان في مقابل استئناف الحوار مع التمرد. وفي تطور آخر، تمردت قوة من الشرطة في ولاية غرب دارفور المتاخمة للحدود التشادية وانسحبت من قاعدتها بعد نهب أربع سيارات بأسلحتها وبعض الإمدادات الغذائية. وأوضح بيان صحافي صادر عن وزارة الداخلية السودانية أن القوة «المتفلتة» أطلقت النيران بصورة عشوائية على مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور، الأمر الذي أحدث هلعاً بين المواطنين، ومن ثم اتجهت صوب الجنوب الغربي من دون إحداث خسائر في الأرواح. على صعيد آخر، أعلنت الرئاسة أن الرئيس عمر البشير سيقضي أربعة أيام في مدينة بحردار الأثيوبية بعد انتهاء منتدى عقد هناك. وقال السكرتير الصحافي الرئاسي عماد سيد احمد إن البشير سيقضي هذه الأيام الأربعة في زيارة غير رسمية بعد مشاركته في اجتماعات الدورة الثانية لمنتدى تانا حول الأمن ومكافحة الجريمة التي اختتمت على ضفة بحيرة تانا وناقشت قضايا الأمن والجريمة المنظمة العابرة للحدود في أفريقيا بجانب رؤية رئيس الوزراء الأثيوبي الراحل مليس زيناوي حول الديموقراطية التنموية قي أفريقيا. وعاد إلى الخرطوم وزير الخارجية علي كرتي بعد مشاركته في أعمال المنتدى. وقال للصحافيين إن النقاش في شأن تبعية مثلث حلايب الحدودي مع مصر تم تركه للأجهزة العدلية بين الخرطوم والقاهرة للبت فيه وإن الحوار حول المنطقة في الوقت الراهن محل حوار وتوافق بين قيادتي البلدين. وأضاف أن التصريحات المتبادلة بين الخرطوم والقاهرة في شأن منطقة حلايب لا تخدم المصالح المشتركة بين الدولتين. وكان مساعد الرئيس السوداني موسى محمد أحمد ذكر في وقت سابق أن منطقة حلايب المتنازع عليها مع مصر، «سودانية وستظل كذلك»، وأن الرئيس المصري محمد مرسي وعده خلال زيارته الخرطوم أخيراً بإعادتها كما كانت الحال قبل عام 1995.