في سباق ضد الساعة، تسلّم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رسالة من العاهل المغربي الملك محمد السادس، أمس، تعرض للموقف من آخر تطورات ملف الصحراء، وتحديداً رفض الرباط توسيع صلاحيات بعثة «المينورسو» لناحية رقابة أوضاع حقوق الإنسان، في وقت نُقل عن ديبلوماسيين في الأممالمتحدة أن فرنسا لن تعارض مشروع قرار أميركياً بهذا المعنى طرحته واشنطن لتبينه في مجلس الأمن. وصرح وزير الخارجية المغربي سعد الدين العثماني الذي يزور موسكو ضمن وفد يضم المستشار في القصر الملكي الطيب الفاسي الفهري ومدير الدراسات والأبحاث (الاستخبارات الخارجية) محمد ياسين المنصوري، بأن بلاده ترفض تغيير مهمة البعثة الدولية ذات الصلة برعاية وقف النار في الصحراء. وأفادت مصادر رسمية بأن جولات الوفد المغربي التي بدأت من بريطانيا تشمل «مجموعة أصدقاء» الصحراء التي تضم من بين أعضائها فرنسا وبريطانيا وروسيا وإسبانيا، بهدف عرض تصورات المغرب لما يعتبره «أخطاراً تهدد المنطقة وتحول دون إيجاد حل سياسي وفاقي لنزاع الصحراء». وأفادت مصادر في السفارة الأميركية في الرباط بأن المغرب لم يطلب زيارة واشنطن إلى الآن، مشيرة إلى أن العلاقات عادية بين البلدين. ويعوّل المغرب على تفهّم العواصم التي يزورها لموقفه إزاء عدم تغيير مهمة بعثة «المينورسو» ومعاودة استئناف المفاوضات العالقة. إلى ذلك، أعرب شيوخ وزعماء قبائل صحراوية عن رفضهم تغيير مهمة بعثة «المينورسو» في الصحراء. وقال رئيس بلدية العيون كبرى حواضر الصحراء «إننا نرفض كمنتخبين وممثلين للسكان أي اقتراح في هذا النطاق». وأوضح حمدي ولد الرشيد المنتسب إلى قبيلة الرقيبات أن الاقتراح لا يهدف إلى رقابة أوضاع حقوق الإنسان بل إلى «التشويش على خطة الحكم الذاتي» التي اقترحها المغرب والتي «تضمن كرامة السكان وحقوقهم كافة»، وفق ما قال. وحض عبدالله الصالحي أحد شيوخ القبائل الأممالمتحدة ومجلس الأمن على إيلاء اهتمام أكبر لما وصفه ب «انتهاكات حقوق الإنسان في مخيمات تندوف» بدل الإمعان في «معاكسة التسوية السلمية». وأكد محمد صالح ولد سيدي العالم، أحد الشيوخ الذي شارك في عمليات تحديد الهوية التي كانت ترعاها الأممالمتحدة، أنه كان على المطالبين بتوسيع صلاحيات «المينورسو» الضغط على بقية الأطراف لتسريع الحل السياسي الذي يضمن أمن المنطقة برمتها واستقرارها. أما رئيس مجلس المستشارين محمد الشيخ بيدالله المتحدر من أصول صحراوية فقال إن مهمات بعثة «المينورسو» تطاول رقابة وقف النار الذي يسري مفعوله منذ مطلع تسعينات القرن الماضي، وأي تغيير في المهمة «يشكل عرقلة لجهود الأممالمتحدة والموفد الدولي كريستوفر روس». وأعرب عن ثقته في التزام شركاء بلاده داخل مجلس الأمن موقفاً يساعد في تسريع حل النزاع. إلى ذلك تعقد لجان نيابية مشتركة بين مجلسي النواب والمستشارين اليوم الجمعة اجتماعاً طارئاً لبحث تطورات الموقف. ودعت كتل في المعارضة رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران إلى تقديم إيضاحات أمام المؤسسة الاشتراعية. وأكدت حركة التوحيد والإصلاح، الذراع الدعوية لحزب «العدالة والتنمية» الإسلامي الذي يقود الحكومة، رفضها أي تعديل على مهمات بعثة «المينورسو». وجاء في بيان أن ذلك «يشكل مساساً خطراً بالسيادة المغربية وتهديداً جدياً للاستقرار في المنطقة»، ودعت الإدارة الأميركية إلى معاودة النظر في هذا التوجه و «الحفاظ على دورها الحيادي والموثوق به اتجاه أطراف النزاع كافة». وفي نيويورك، نقلت وكالة «رويترز» عن موفدين دوليين في الأممالمتحدة أن فرنسا، حليفة المغرب، لن تستخدم على الأرجح حق النقض (الفيتو) لمنع اقتراح أميركي بمنح بعثة «المينورسو» صلاحية مراقبة أوضاع حقوق الإنسان في الصحراء الغربية. وقال ديبلوماسيون في الأممالمتحدة إن الاقتراح الأميركي ورد في مشروع قرار لمجلس الأمن وزعته واشنطن على «مجموعة أصدقاء الصحراء الغربية» التي تضم الولاياتالمتحدةوفرنسا وإسبانيا وبريطانيا وروسيا. ونقلت «رويترز» عن ديبلوماسي في هذه المجموعة: «لا نتوقع أن تعطّل فرنسا صدور» مشروع القرار الأميركي. ويؤكد الديبلوماسي بذلك تقارير بهذا المعنى صدرت في وسائل الإعلام الفرنسية. وينص مشروع القرار الأميركي على تمديد ولاية «المينورسو» سنة جديدة، وسيتم طرحه على التصويت في وقت لاحق هذا الشهر. وقال ديبلوماسيون إن فرنسا، حليفة الرباط التقليدية في مجلس الأمن، كانت قد أوضحت في الماضي إنها ستستخدم حق النقض لمنع صدور مثل هذه الاقتراحات الخاصة بمراقبة الأممالمتحدة لحقوق الإنسان في الصحراء، ولكن الأمر لن يكون كذلك هذه المرة.