تبدّل حال الرئيس المصري السابق حسني مبارك ونجليه علاء وجمال، في أول إطلالة لهم أمس بعد تنصيب محمد مرسي خلفاً لمبارك، عما ظهروا عليه في جلسة النطق بالحكم في قضية «محاكمة القرن» في حزيران (يونيو) الماضي، وهو الحكم الذي ألغته محكمة النقض وقررت إعادة المحاكمة. وظهر مبارك ونجلاه مبتهجين واثقين، بعدما كانوا قد أظهروا استسلاماً واستياء في الجلسات السابقة التي جمعتهم في قفص الاتهام، فيما تحول تماسك وزير الداخلية السابق حبيب العادلي إلى ما يشبه الاستسلام. وكان مبارك ونجلاه والعادلي ومساعدو وزير الداخلية السابق الستة أودعوا أمس قفص الاتهام لبدء وقائع إعادة محاكمتهم، بعدما قضت محكمة بتبرئة علاء وجمال مبارك والمساعدين الستة، فيما قضت بسجن مبارك والعادلي 25 عاماً. وعاد المصريون مجدداً إلى متابعة ظهور الرئيس السابق ونجليه في القفص، لكنهم فوجئوا هذه المرة بتبدل المشهد، فما إن بدأ المتهمون دخولَ القفص حتى ظهرت الابتسامات والابتهاج... إلى علامات النصر. وكان العادلي أول من دخل قفص الاتهام بملابس السجن الزرقاء، إذ إنه محكوم بالسجن في قضية فساد أخرى، وبدا الحزن على ملامحه، وتبعه مساعدوه الستة، الذين ارتدوا ملابس عادية لأنهم طلقاء، يحضرون المحاكمة ثم يغادرون إلى منازلهم. واستهل مدير أمن القاهرة السابق إسماعيل الشاعر، الذي بدا عليه الإرهاق وشحوب الوجه، الابتهاجَ بأن لوّح بعلامة النصر لعدسات التلفاز، ثم دخل علاء مبارك القفص وقد ارتسمت على وجهه ابتسامة عريضة، وظهر خلفه شقيقه جمال -مبتسماً هو الآخر وتشع عيناه بنظرات التحدي والثقة- وهو يصافح شخصاً خارج القفص، فيما اعتدل مبارك، الذي نزل من سيارة الإسعاف ممدداً على سرير طبي، في جلسته وطرأ تحسن ملحوظ في حالته الصحية واسترد جزءاً من عافيته وارتدى نظارة شمس بنية وساعة يد سوداء. وأظهر مبارك قدراً ملحوظاً من الثقة والبهجة، فالابتسامة فارقت شفتيه لحظات قليلة وهو داخل القفص، ووجّه تحية لمؤيديه في قاعة المحكمة أكثر من عشر مرات تلويحاً بيديه، في مشهد أعاد إلى الأذهان أيام كان رئيساً. والتفت مبارك إلى ساعته أكثر من مرة، بعدما انتظر الحضور طويلاً هيئة المحكمة لبدء الجلسة. وفيما كان مبارك ونجلاه يتبادلون أطراف الحديث الباسم، ومساعدو العادلي يتحاورون من حين لآخر، كان العادلي الواجمَ الوحيد، وبدا في حزن واستسلام لمصيره، ولم يبتسم أو ينطق ببنت شفة إلا حين استدار للخلف وتحدث بكلمات قليلة لرئيس مباحث أمن الدولة السابق حسن عبدالرحمن، قبل أن يعتدل ويتجهم مجدداً وينشغل بتدوين كلمات في دفتر بحوزته. كان كل المتهمين جالسين، عدا جمال مبارك، الذي وقف إلى جوار والده يميل كل فترة ليحدثه ويتبادلان الابتسامات، فيما جلس علاء مبارك أمام والده في مقدمة قفص الاتهام، في محاولة لإخفائه عن العدسات، وحيّا هو الآخر أشخاصاً خارج القفص، وظهر في لقطة أنه يتحدث مع أحدهم. وفي محاولة من نجلَي مبارك للحفاظ على بهجة أبيهم وثقته حتى النهاية، خرجا به مسرعين من قفص الاتهام -بعدما قررت المحكمة التنحي عن نظر القضية لاستشعارها الحرج- حتى لا يسمع هتاف معارضيه الذي دوى في القاعة: «الشعب يريد إعدام المخلوع».