أنقرة، بيروت - أف ب - وضع تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) كل ثقله العسكري للسيطرة الكاملة على مدينة عين العرب (كوباني) الكردية شمال سورية المتاخم لحدود تركيا، حيث يواجه منذ نحو شهر مقاومة شرسة من المقاتلين الأكراد تحوّلت معها المدينة الصغيرة إلى رمز لقتال التنظيم، وسط احتدام «حرب مواقع» داخل المدينة (للمزيد). وترك رئيس هيئة الأركان في الجيش الأميركي مارتن ديمبسي الباب موارباً أمام احتمال إقامة منطقة حظر جوي في سورية ضمن «ظروف مستقبلية»، في حين استبعد مصدر فرنسي مطلع أي حل للأزمة في هذا البلد من دون عملية انتقال سياسي. وشدد على أن الرئيس بشار الأسد «لا يمكن أن يمثل أي حل»، مبدياً مخاوف من تطور الأحداث. ونفت واشنطن ان تكون طلبت تدخُّلاً عسكرياً تركياً بإرسال قوات برية إلى سورية. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن عناصر «داعش» استغلوا وقفاً لغارات التحالف الدولي - العربي و «استهدفوا مدينة عين العرب (أمس) بما لا يقل عن 11 قذيفة سقطت على مناطق في وسط المدينة وقرب المعبر الحدودي مع تركيا، في وقت تقدمت وحدات حماية الشعب الكردي في الجبهة الشمالية الشرقية في المربع الحكومي الأمني، عقب اشتباكات مع التنظيم». وكان «المرصد» أشار الى إن «داعش» جلب «مقاتلين من الرقة وحلب»، معقِلَيْه الرئيسيين في شمال سورية وشمالها الشرقي، مضيفاً أن التنظيم «وضع كل ثقله في المعركة، وهي حاسمة لديه وخسارته إياها ستزعزع صورته أمام الجهاديين». وعشية وصوله الى الرياض لإجراء محادثات مع كبار المسؤولين السعوديين، قال وزير الخارجية الألماني فرانك - فالتر شتاينماير ل «الحياة» إن المواجهة العسكرية ل «داعش» لا تكفي «ويجب أن يكون هناك توافق إقليمي في شأن العمل السياسي المشترك للتصدي» للتنظيم. وأكد أن نظام الرئيس بشار الأسد يتحمّل مسؤولية ما يجري «ولم تبقَ له أي صدقية، ولا يجوز غض النظر عنه، ولن يتمّ نسيانه». وتشهد باريس اليوم وغداً، لقاءات بارزة بين وزير الخارجية الأميركي جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف، وبين وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس وكل من لافروف وكيري. كما يلتقي الوزير الأميركي في العاصمة الفرنسية نظيره الإماراتي عبد الله بن زايد الذي سيجتمع كذلك مع فابيوس. ومكافحة «داعش» أبرز المواضيع في هذه اللقاءات. ورأى مصدر فرنسي مطّلع أن الدول المشاركة في الحرب على «داعش» دخلت مرحلة «بالغة الهشاشة، فكل شيء يمكن أن يحصل في اي اتجاه». وكان فابيوس التقى في باريس الأسبوع الماضي نظيره التركي مولود جاويش أوغلو الذي قدَّم له خطة تقضي بإرسال قوات برية من دون مشاركة الأتراك، لإخراج «داعش»، ومن ثم الاهتمام ب «حزب العمل الكردستاني». وتعتبر باريس أن هذه الخطة غير عملية لأن إنشاء منطقة آمنة يتطلب حظراً جوياً لمراقبتها، ما يعني الدخول في الحرب على الأرض في سورية ونشر جنود في شمالها في مواقع وبيئة معقّدة. وأضاف المصدر: «هناك تخوف من اتجاه الأحداث، علماً أن الأسد لا يمكن أن يأتي بحل أو أن يكون حلاً... ينبغي أن يبقى في أذهان جميع المشاركين في الحرب على «داعش» وضمنهم الولاياتالمتحدة، أن المشكلة هي في دمشق ولن يكون حل للأزمة طالما لم نصل إلى انتقال سياسي هناك وتوافق أدنى على هذا الهدف». وزاد: «من يقول إن هناك أسوأ من الأسد، كلامه غير عملي إذ لا يمكن الأسد أن يمثّل أي حل. وعلى رغم أن قواته تتعزّز في أماكن، لم يتعزز وضع النظام». ديمبسي في واشنطن، فتح رئيس هيئة الأركان في الجيش الأميركي مارتن ديمبسي الباب أمام إقامة منطقة حظر جوي في سورية، عشية اجتماعه مع عشرين قائداً عسكرياً في دول التحالف. وقال في مقابلة مع شبكة «أي بي سي» الأميركية «بإمكان التحالف أن يفعل المزيد في سورية»، عشية استضافته 20 من القيادات العسكرية الدولية في واشنطن وبينها قيادات من السعودية والإمارات ولبنان. وتابع: «هل طُلِب مني أن أقيم منطقة حظر جوي؟ لا... هل ستكون هناك ظروف مستقبلية لاحتمال إقامة هذه المنطقة؟ نعم». وقالت مستشارة الأمن القومي الأميركي سوزان رايس لشبكة «أن بي سي» إن تركيا تطالب بمنطقة حظر جوي ومناطق عازلة في سورية منذ ثلاث سنوات. وذكرت أن الحملة العسكرية على «داعش» هي في «بدايتها اليوم»، ولفتت إلى تقدم في المحادثات مع أنقرة، مؤكدة أن واشنطن «لم تطلب قوات برية تركية للتدخل في سورية». وأشارت إلى موافقة تركيا على استخدام التحالف قواعدها، وتدريب وتجهيز ألفي مقاتل من «الجيش الحر» على أرضها. ونفت رايس وجود أي تنسيق مع إيران في الحرب على «داعش». وكان وزير الدفاع الأميركي تشاك هاغل توقع حرباً طويلة ضد التنظيم. وتعكس التصريحات الأميركية التركيز على استراتيجية بعيدة المدى في الحرب على «داعش» وحصر المهمات الآن بضربات جوية في سورية وتدريب قوات المعارضة المعتدلة، وانتظار ما سيؤول إليه هذا الجهد قبل درس خيارات أخرى. وكرر وزير الخارجية التركي أمس أن إنشاء ممر للأسلحة والمقاتلين المتطوّعين من تركيا إلى عين العرب «أمر غير واقعي».