يبدو المخرج بسام الملا «متعجلاً» في التخلص من خصومه في مسلسل «باب الحارة»، من طريق الكتابة الدرامية بالطبع. فالعقيد «أبو شهاب» استطاع الخروج من حارة الضبع على رغم حصار الفرنسيين لها تحت ذريعة وجود بعض الأسرى الفرنسيين بأيدي أبنائها الثوار، وهو خروج ملتبس ومشكوك فيه كما يحاول الكاتب كمال مرة أن يوحي بذلك، لأنه يعني أنه سيكون بلا رجعة. فالعقيد الذي لا يكرر كلامه مرتين لن يجد من يدافع عنه. حتى ابنا شقيقته لن يقوما بذلك من باب الإخلاص، فهما استلما «الأمانة» من الزوجة التي لا تظهر سافرة أمامهما، بل وتكلمهما من وراء الباب، بعكس شقيقتها «حميدة» التي يستشهد خطيبها في الحلقة الأولى في مواجهة غير متكافئة مع الفرنسيين - فاكهة الجزء الرابع على ما يبدو - والتي يوصيها أبوها (أبو حاتم) بأن تذهب لمساعدة «الحكيم»، وهو يحاول إنقاذ الثوار الجرحى، فلم يعد لديه من يساعده، ولا ينسى بالطبع مباركته لها وهو يقول لها إنها يمكنها أن تكشف عن وجهها أمامه وهي تمد له يد العون، فتبتسم وتنسى مصابها الأليم. تبدو الكتابة الجديدة في الجزء الرابع، وكأنها تحاول أن تصد كل التهم الموجهة للمسلسل بأنه أساء للمرأة الشامية، وجعلها ستاراً ممزقاً لتنهدات وصراعات الرجل الشامي في عرينه المغلق على ذكورة طامعة بالمستحيل من حولها. هاهنا يتخلى الرجال عن سكاكينهم إلى الأبد، ويستبدلونها بالبنادق لصد العدوان الخارجي المتمثل هذه المرة بالفرنسيين، فقد وجدوا عدواً يمكن الإشارة إليه من دون توجس أو مهابة بأن الرجال يضيعون أوقات بعضهم بعضاً. ففي الأجزاء الثلاثة، كان الصراع يحتدم من حول الخارجين عن القانون، قانون الحارة بالطبع، فلم يكن هناك دستور ناظم لشؤونها سوى مشورة الزعيم والعقيد والحكيم. أما الآن وقد أصبحت الحارة بلا زعيم أو عقيد، فإن الحكيم الجديد المستقدم إلى حارة الضبع لا يشبه سلفه. فهو يبدو هنا مثقفاً ومتعلماً، ويمتلك امتيازات تؤهله للعمل مع «ممرضة» يمكنها أن تكشف عن وجهها أمامه، من دون أن تخشى لومة لائم. وما يقوم به الملا، لا يتعدى محاولات إسكات كل من انتقده... من سيجرؤ على الكلام بعد الآن؟! ها هي المرأة الشامية تساعد الثوار، ولم يعد وجودها مرهون بمداواة جروح وآلام رجلها فقط خلف أسوار البيت الشامي الحصين، بيت المنعة والعزة والأخلاق النبيلة. الكتابة الجديدة تشبه الشخصية الجديدة في المسلسل التي يؤديها الممثل السوري مصطفى الخاني. شخصية «النمس» الذي يخرج من السجن إلى الحارة مباشرة ليسخر من العقيد «أبو شهاب» وهو ينسل هارباً من مواجهة الفرنسيين من دون أن يشاهده أحد بعد أن أضجرنا ب «شبريته» في الأجزاء السابقة، وليستأجر بيت «أبو غالب» (نزار أبو حجر) الذي قرر أن يبيع الحمص المسلوق بعد خلافه مع الملا في مسلسل خاص به. بالفعل من يجرؤ على الكتابة بعد الآن؟!