لم يعد جديداً ما يحدث في ملاعب إيران في دوري أبطال آسيا من فوضى وشغب جماهيري، لأنه أصبح عادة سنوية تتكرر، والمتضرر الوحيد منها هي الأندية السعودية وحدها، وما شاهدناه في مباراة الهلال والاستقلال من شغب ورمي مقذوفات حديدية وحجارة، ليس إلا حلقة ضمن مسلسل طويل تعدى فيه الأذى النفسي والاستفزاز حدوده، ليصل إلى محاولات الإيذاء الجسدي، فما زلنا نتذكر نجاة فريق الاتحاد من شغب جماهير نادي بيروزي عندما حاولت اقتحام الملعب في 2011، ولولا تدخل رجال الأمن لحدث ما لا يحمد عقباه، ثم ما قامت به جماهير سباهان العام الماضي أمام الأهلي عندما تعمدت إلقاء الألعاب النارية الخطرة على لاعبي الأهلي، ولكن عناية المولى عز وجل أنقذتهم من شرها وشر أهلها. كل هذا يحدث أمام سمع وبصر مراقب الاتحاد الآسيوي الذي يكتفي بتوقف المباراة لبضع دقائق، ثم ينسحب من الموقعة كأن شيئاً لم يكن، ويقال بعدها إنه دوّن ملاحظاته لرفعها لاتخاذ الإجراءات المناسبة، فما هي الإجراءات التي اتخذت؟ وهل كانت من الحزم والقوة بحيث تسهم في كبت هذا الانفلات الجماهيري؟! الواقع يقول إن مراقبي مباريات الاتحاد الآسيوي لمباريات الأندية السعودية - عادةً - عرب، وهنا تكمن المشكلات، وذلك لعدم تطبيقهم للأنظمة، ولو كان المراقبون من جنسيات غير عربية لطبقوا النظام بحذافيره أو على أقل تقدير لسجلوا كل ما يحدث داخل الملعب من المخالفات والأحداث، ووثقوها بالصور وال«فيدي»، وقد رأينا التفاوت في التعامل مع أحداثٍ تقع في ملاعبنا مع ما يقع في الملاعب الإيرانية، على رغم البون الشاسع والاختلاف الكلي في حجم الخطر الناجم عنها، عندما فَرَدَ المراقب العربي عضلاته على جماهير الهلال في مباراة بندكيور الأوزبكي وأزبد وأرعد وهدد على رغم أن ما قامت به لا يعد شيئاً، ويحدث للمرة الأولى، ولا ننسى كذلك أن نادي الاتحاد سبق أن لعب من دون جماهير بسبب مخالفات لا تقاس خطورتها بشغبٍ منظمٍ، تعوّدت عليه الجماهير الإيرانية أن تفعله كل عام من كوارث وصيحات عنصرية وشعارات سياسية تُعرض بكل بجاحة، ويراها العالم بأسره، ولكن تعمى عنها عين المراقب الآسيوي، ويطنشها الاتحاد «القاري» الذي وضح بما لا يدع مجالاً للشك يكيل بمكيالين في تطبيق العقوبات على أندية آسيا، إذ سبق وقال أحد المسؤولين: «في ملاعب إيران نجبر على اللعب في وسط الملعب فقط، ونترك الأطراف، لأنها قريبة من الألعاب النارية»، وهذا يعني توقع الاتحاد لما يمكن أن يحدث، وتلك مصيبة! أخيراً، ليس مهماً أن تدوّن بعثة الهلال ما حدث لها، بل المهم كيف يمكن تصعيد الأمر إلى إصدار عقوبة رادعة، إما باللعب من دون جماهير أم سحب النتائج، عندها سيتوقف العبث الإيراني، لأن الواضح أن الصمت الآسيوي شجع على التمادي. [email protected]