استهل بطريرك الأقباط الأرثوذكس البابا تواضروس الثاني عهده على الكرسي البابوي بتأكيد أن أمامه عملاً كبيراً وواجباً تجاه كل المصريين المسيحيين والمسلمين. وقال في كلمة ألقاها نيابة عنه أسقف البحيرة قائمقام البطريرك الأنبا باخوميوس خلال مراسم تجليسه أمس: «نمد قلوبنا إلى الأديان فنحن مع خدمة الإنسان، لأن الدين للديان والوطن للإنسان». وتعهد استكمال مهمة الراحل البابا شنودة الثالث. وقال: «العالم صار جائعاً ومشتاقاً للسلام، باحثاً عن القيم الروحية التي نشترك فيها مع المسلمين، بعدما عانى العنف والإرهاب والقسوة وإهدار الحقوق الإنسانية». وأضاف: «نشارك أخوتنا في غزة آلامهم، وننقل تعازينا إلى أبنائنا في أسيوط الذين تعرضوا (أول من) أمس لحادث أليم، ونرجو الرحمة للجميع». وشكر الرئيس محمد مرسي ورجال الدولة والأزهر وكل المسلمين في مصر وخارجها «لمشاعرهم الطيبة تجاه الكنيسة». وكانت الكنيسة أقامت أمس مراسم تجليس البابا الرقم 118 في غياب الرئيس محمد مرسي الذي أناب رئيس ديوان الرئاسة السفير رفاعي الطهطاوي لحضور المراسم، كما شارك رئيس الوزراء هشام قنديل في جانب من المراسم ونقل للبابا تهنئة الرئيس. وحضر مراسم التنصيب أيضاً مساعد الرئيس سمير مرقس ورئيس «حزب الدستور» محمد البرادعي والمرشحان السابقان للرئاسة عمرو موسى وحمدين صباحي. وألغت الكنيسة مظاهر الاحتفال وقصرت المناسبة على قداس التنصيب، حداداً على 50 من تلاميذ معهد تابع للأزهر قتلوا في حادث قطار أول من أمس في أسيوط. وأكد الأنبا باخوميوس في كلمته أنه «لا يوجد صراع على السلطة في الكنيسة». وقال: «بعد أن تسلمنا مسؤولية الكنيسة في الفترة السابقة نسلمها إلى البابا تواضروس الثاني ونعود إلى إبراشيتنا صغاراً وخداماً تحت قدمي البابا». وكانت مراسم التجليس بدأت بقداس أقامه عدد من الأساقفة والمطارنة في القاعة الكبرى في الكاتدرائية، فيما أحاطت بمقر الكاتدرائية من الخارج إجراءات أمنية مشددة وتولت فرق الكشافة الكنسية تنظيم دخول الضيوف وإرشادهم إلى أماكنهم. وخرج من المقر البابوي موكب كنسي يتقدمه الشمامسة وتبعهم الأساقفة والمطارنة الذين اصطفوا على جانبي الطريق بملابس الخدمة البيضاء ليمر من وسطهم البابا تواضروس الثاني بملابس الرهبان السوداء يرافقه الأنبا باخوميوس أسقف البحيرة قائمقام البطريرك، وصعد الموكب إلى قاعة الاحتفالات الكبرى في الكاتدرائية. وعند مدخل الكاترائية سلم قائمقام البطريرك مفتاح الكاتدرائية، وهو على شكل صليب ذهبي، للبابا تواضروس الثاني الذي فتح به الباب مردداً صلوات شكر، قبل أن يدخل الموكب قاعة الكاتدرائية وسط تصفيق حاد من الحضور وأصوات الأجراس. وتقدم البابا تواضروس الثاني ومعه الأنبا باخوميوس وعدد من الأساقفة إلى المذبح وسط ترديد الترانيم والصلوات القبطية، ليبدأ القداس الذي ترأسه الأنبا باخوميوس. وجلس البابا تواضروس الثاني على كرسي في وسط المذبح وتلا الأنبا باخوميوس وعدد من الأساقفة صلوات خاصة بمراسم وطقوس التجليس، وكان لافتاً بكاء البابا تواضروس خلال تلك الصلوات. وقال الأنبا باخوميوس: «ندعوك يا أنبا تواضروس بابا وبطريركاً ورئيس أساقفة الكرازة المرقسية»، وكررها ثلاث مرات، قبل أن يضع على رأسه غطاء الرأس البابوي، ويسلمه الملابس البيضاء الخاصة بالبابا رقم 118 في تاريخ الكنيسة الأرثوذكسية. ثم سلم الأنبا باخوميوس البابا تواضروس الثاني «تقليد رئاسة الكهنوت للكنيسة الأرثوذكسية» وسط تصفيق حاد من الحضور. وتناوب عدد من الأساقفة والمطارنة ورؤساء الطوائف المسيحية المختلفة على قراءة بعض الصلوات الخاصة أمام البابا، قبل أن يساعده الأنبا باخوميوس في ارتداء ملابس البطريرك ووضع على رأسه التاج البابوي، وسلمه عصا الرعاية الخاصة بالبابا وصليباً ذهبياً كبير الحجم، وسط هتافات وتصفيق الحضور ودق أجراس الكاتدرائية. وأعلن الأنبا باخوميوس رسمياً تجليس البابا تواضروس الثاني، ليتوافد عليه المهنئون من الأساقفة وكبار رجال الكنيسة. وصعد رئيس الوزراء هشام قنديل إلى المنصة المقامة في الكاتدرائية المرقسية لتهنئة البابا بتجليسه، وتبادل معه حديثاً قصيراً قبل أن يغادر قاعة الكاتدرائية. ولوحظ أن رئيس الوزراء حضر إلى مراسم التجليس متأخراً بعد بدئها بنحو ساعتين وانصرف مبكرا ولم يبق في مقر الكاتدرائية سوى نصف الساعة. وشارك في القداس وزير الثقافة محمد صابر عرب ووزير الداخلية اللواء أحمد جمال الدين ووزير التنمية المحلية أحمد زكي عابدين ورئيس الوزراء السابق عصام شرف ومحافظ القاهرة عبدالقوي خليفة ومحافظ الجيزة علي عبدالرحمن، إضافة إلى عدد من الوزراء السابقين وعدد من السفراء الأجانب في القاهرة. وشارك الأزهر في مراسم التنصيب، إذ أناب شيخ الأزهر أحمد الطيب مستشاره للحوار محمود عزب والمدير العام للإعلام في الأزهر الدكتور محمد جميعة للمشاركة في مراسم التنصيب «لانشغاله برئاسة الاجتماع الطارئ للمجلس الأعلى للأزهر لبحث تداعيات حادث حافلة المعهد الأزهري في أسيوط». ولوحظ أن جميعة الذي شارك في مراسم القداس بالزي الأزهري ظل جالساً فيما كل الحاضرين في مراسم القداس وقفوا في أوقات متفرقة منه.