تنذر الأوضاع اليمنية بمزيد من التعقيد السياسي والأمني في ظل ارتفاع وتيرة هجمات تنظيم «القاعدة» واستمرار سيطرة الحوثيين على صنعاء، وعدم توصل المشاورات بين الرئيس عبد ربه منصور هادي والأطراف السياسية إلى حسم الخلاف في شأن تسمية رئيس جديد للحكومة المرتقبة التي نص عليها «اتفاق السلم والشراكة» الأخير. وكثف الحوثيون أمس انتشار مسلحيهم في صنعاء الذين شوهدوا في وضعيات قتالية تحسباً لهجمات جديدة، فيما أعلن تنظيم «القاعدة» مسؤوليته عن هجوم الخميس الدموي وأكد أن انتحارياً يدعى «أبو معاوية الصنعاني» نفذ الهجوم الأعنف ضد الجماعة منذ أن سيطر مسلحوها على صنعاء في 21 أيلول (سبتمبر) الماضي. وتحدثت مصادر أمنية أمس عن «قتل جنديين وجرح ثلاثة في انفجار عبوة ناسفة أمس زرعها مجهولون، يُعتقد أنهم من «القاعدة» في طريق مركبة للجيش في مديرية شبام وسط وادي حضرموت». وأكدت السلطات وقوع الهجوم، وقال مصدر عسكري «إن إحدى الدوريات العسكرية التابعة للمنطقة الأولى تعرضت للتفجير بعبوة ناسفة زرعها عناصر من القاعدة على الخط الرابط بين مديرتي سيئون وشبام، ما أدى إلى استشهاد جنديين وجرح اثنين آخرين». وجاء الهجوم بعد يومين من هجومين انتحاريين استهدف الأول نقطة للجيش في المحافظة نفسها وأدى إلى قتل 20 جندياً وإصابة 13 آخرين فيما استهدف الآخر تظاهرة للحوثيين وسط صنعاء، ما أسفر عن أكثر من 50 قتيلاً، إضافة إلى عشرات الجرحى. وأفادت مصادر قبلية في محافظة البيضاء ب «أن مسلحي القاعدة هاجموا أمس المقر الحكومي في مديرية الصومعة واستولوا على محتوياته من الأثاث والمعدات». ولم تشر المصادر إلى سقوط ضحايا في الهجوم الذي يضاف إلى سلسلة الهجمات المتكررة للتنظيم على مواقع الجيش والأمن في محافظة البيضاء التي باتت مناطقها القبلية معاقل رئيسية لمسلحيه. وجاءت هذه التطورات غداة بيان لمجلس الأمن الدولي دان فيه «بأشد العبارات» هجوم الخميس الانتحاري على المتظاهرين الحوثيين، والهجمات ضد قوات الأمن اليمنية في حضرموت، والبيضاء، داعياً الأطراف السياسية إلى «العمل بصورة بناءة لتنفيذ جميع الشروط في شكل كامل وفوري لاتفاق السلم والشراكة الوطنية في تقريرها بكاملها، بما في ذلك تسليم جميع الأسلحة المتوسطة والثقيلة إلى أجهزة أمن الدولة الشرعية». وقال المجلس إن «أي أعمال إرهابية هي أعمال إجرامية لا يمكن تبريرها بغض النظر عن دوافعها، أينما ومتى وأياً كان مرتكبوها» كما شدد طبقاً للبيان على»ضرورة تقديم مرتكبي ومنظمي وممولي ورعاة هذه الأعمال الذميمة والإرهابية إلى العدالة». ودعت الخارجية الروسية في بيان لها «القوى السياسية كافة إلى التوحد في مواجهة الخطر المتزايد الذي يشكله الإرهابيون». كما دعا الأمين العام لجامعة الدول العربية جميع الأطراف إلى «نبذ العنف ودعم الجهود المخلصة التي يبذلها الرئيس عبد ربه منصور هادي لإنقاذ البلاد وتحقيق الأمن والاستقرار السياسي عبر استكمال تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، والتزام تطبيق ما نصت عليه وثيقة السلم والشراكة الوطنية». ومع مواصلة الرئيس مشاوراته للتوافق على الشخصية التي ستُكلف تشكيل حكومة الشراكة، تتزايد المخاوف من أن يؤدي استمرار الفراغ الحكومي في ظل سيطرة الحوثيين على صنعاء وتحكمها بالقرار السياسي إلى انهيار أمني واقتصادي شاملين.