أكد متحدثون في ندوة «التنوير في الوطن العربي.. إخفاق النهضة»، التي عقدت أمس ضمن فعاليات المهرجان الوطني للتراث والثقافة في قاعة مكارم، أن الدعوة الوهابية لم تستفد من زخم الدعم السياسي المتمثل في الإمام محمد بن سعود. وابتدأ هذه الموجة من الهجوم المتحدث الأول الدكتور سعيد السريحي، الذي شكر في مطلعها «الجنادرية»، لأنها وفّرت هامشاً حراً للتفكير، «باتت تحرّض في جمالها على الحديث عما يتوجس عن الحديث عنه في خارج حمى الجنادرية». ورأى السريحي أن حراك دعوة محمد بن عبدالوهاب السياسي تحول إلى جملة من التنظيمات الفقهية تستند إلى نصوص في دعوة الشيخ مفصولة عن سياقاتها التاريخية التي جاءت فيها، وملابسات العصر الذي ظهرت فيه. وضرب مثالاً على ذلك «بأننا ما زلنا ندرس في مدارسنا حتى الآن تعليق التمائم والتبرك بالقبور وتعظيم الموتى من الرجال الصالحين، على رغم أن المجتمع تجاوز ذلك». وأكد أن الشيخ كان يواجه خرافات عصره، «وهو ما يقتضي منا أن نواجه كل خرافة في عصرنا يمكن لها أن تعطل ملكة الفكر وعودة الإنسان للإنسان». وقال السريحي: «لم نفقه من دعوة الشيخ على أنها جاءت لإعادة وصل الإنسان بربه من دون وسطاء، فانتهينا إلى زمن نوشك فيه أن يتخذ بعضنا بعضاً وسطاء يقربونهم إلى الله زلفى». وأضاف: «ما كان ليتم هذا الفصل، لولا أنه تم تحويل روح الإصلاح إلى جملة من المبادئ المفصولة عن عصرها، فصلاً حجب عنها تاريخها، وحال بينها وبين أن يتم إخضاعها للدرس والتمحيص والمراجعة بل والتصحيح». ورأى السريحي أن «كثيراً منا يبنون بيوتهم في القرن ال21، مع أن عقولهم في القرن ال13، ودعوة الشيخ كفكر أخفقت، ولكن نجحت كدولة». وأضاف قائلاً: «أعتقد أن الحديث عن تنويرية الدعوة منعنا عن الحديث عن مآلات الدعوة، فإن كان فكراً ينتمي إلى نصوص الدعوة، فإن هذا استنساخ لتلك الفترة، وتطبيق النصوص عليها، وبهذا تتحول روح الدعوة إلى شيء آخر، ويجب أن نتفهم روح الدعوة التي قاتل فيها الشيخ تقاليد راسخة في المجتمع، كان من الممكن أن يُنافَح عنها حتى ولو بقتال، فهل نستطيع نحن أن نقاتل من دون ثوابت وتقاليد المجتمع؟». وقال الدكتور محمد المسفر إن دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب، «وقفت أمام بعض العادات القبلية، لكن ماذا عمل للقضايا المهمة مثل المرأة والعلاقة بين الحاكم والمحكوم؟». فيما تساءل الأديب السعودي علي الرباعي : «لماذا نفكر في أن المجتمع قبل ذلك كان ظلامياً، وننسى أن المجتمع فيه الحرمان الشريفان، ونحن بعد ذلك تحولنا إلى مجتمع استهلاكي حتى في الأفكار، ولا نستطيع أن نقول كل شيء، حتى إن الدكتور السريحي كان ديبلوماسياً في حديثه عن الحركة الوهابية، مع ما وفرته له الجنادرية من فضاء وغطاء». بينما أكد مدير العلاقات العامة في مهرجان الجنادرية حسن آل خليل، أن دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب «أتت في عصر الانحطاط الهجري، وكان ما فعله من الممكن أن يكون بداية عصر تنويري، وكان من الممكن أن يكون بداية التحرير للعقل العربي، ولكن كان هناك نكوص للتنوير في العقل العربي في القرن ال20، مع كل الحركات التنويرية».