يجتمع اليوم قادة أحزاب التحالف الرئاسي في الجزائر، وهم عبدالعزيز بلخادم وأحمد أويحيى وأبو جرة سلطاني، في لقاء وُصف بأنه «مصيري» بالنسبة إلى الأحزاب الثلاثة المتحالفة خلف برنامج الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة. وتُلقي انتخابات التجديد النصفي لمجلس الأمة، التي أجريت يوم 29 كانون الأول (ديسمبر) الماضي، بظلالها على أعمال هذا اللقاء. ويُتوقع أن يتعرض حزب التجمع الوطني الديموقراطي، برئاسة الوزير الأول أحمد أويحيى، ل «حساب» بسبب قضية منح حزب العمال المعارض أصواته لمصلحة مرشحيه (أي التجمع أو «الأرندي» كما يُعرف في الجزائر) وفق وثيقة تحالف وقعت بين الحزبين. وأثار ذلك التحالف ردود فعل غاضبة، سواء من قبل حزب جبهة التحرير الوطني بقيادة بلخادم الذي ضيّع عدداً من مقاعده في مجلس الأمة أو من طرف حركة مجتمع السلم (حمس) بقيادة أبو جرة سلطاني الذي قال إن حركته لم تستفد من أصوات شريكيها في التحالف، وإن المقعدين اللذين حصلت عليهما كانا بالمجهود الذاتي ليس إلا. وكان بلخادم قد توعّد بضرورة طرح هذه المسألة في الاجتماع المقبل للتحالف الرئاسي، غير أن متتبعين لعمل قيادات التحالف يرون أن هذا «التراشق» بين بلخادم وسلطاني وأويحيى موجّه في الغالب إلى الاستهلاك الداخلي ولا ينم عن وجود خلافات حقيقية داخل التحالف الرئاسي. وتؤول الرئاسة الدورية للتحالف الرئاسي بموجب لقاء اليوم إلى أحمد أويحيى. ويقول مراقبون إن الساحة السياسية الجزائرية دخلت على ما يبدو في مرحلة إعادة تشكيل تتجه قريباً نحو إنشاء تحالفات جديدة وفق حسابات تختلف عن المشهد «النمطي» الذي ميّز السنوات الخمس الأخيرة. ولا يختلف مراقبون على وصف «الرتابة» التي آلت إليها العملية السياسية الحزبية وامتدادها نحو البرلمان والحكومة معاً على أنها نتاج طبيعي ل «مرحلة انتقالية» تمتاز بالشد والجذب في أكبر عملية استقطاب منذ بداية الألفية. وتتجلى أولى مشاهد المرحلة «الإنتقالية» في تباعد واضح بين أحزاب التحالف الرئاسي (جبهة التحرير، التجمع الوطني الديموقراطي وحركة مجتمع السلم) التي تواجه اليوم خياراً يقضي إما بالاستمرار في التقارب أو فك التحالف في شكل نهائي. ولعل التجاذبات الحاصلة في الجزائر - والتي انسحبت على المشهد عموماً في شكل «رتابة» وغياب حزبي شامل له ارتداداته التي تصل إلى قبة البرلمان - تعكس كم كان التباعد واضحاً في السباق الأخير لانتخابات مجلس الأمة. فالوزير الأول أحمد أويحيى توجّه للتحالف مع حزب معارض كان أكثر التشكيلات السياسية انتقاداً للتحالف الرئاسي نفسه، وإن اعتقد كثيرون أن التحالف بين أويحيى وزعيمه حزب العمال اليساري لويزة حنون انتهى بانتهاء انتخابات مجلس الأمة التي وضعت التجمع الوطني الديموقراطي على بُعد مقعدين فقط من حزب الغالبية، جبهة التحرير. لكن البداية الحقيقية لهذا التقارب بدأت تأخذ شكلاً آخر من خلال تزكية واضحة من الحزب اليساري لقرارات الوزير الأول، سيما الإقتصادية منها. أما جبهة التحرير الوطني فستركّز، في المقابل، على مؤتمرها التاسع المقرر في غضون شهر. وقد شدد الأمين العام للحزب بلخادم، أمس، خلال اجتماعه بأمناء المحافظات على أن التحضير الجيد للمؤتمر التاسع للحزب يجب أن يكرّس «شرعية التمثيل» التي تجعل المشاركة في المؤتمر «تتم بإرادة المناضلين والمناضلات من القواعد من دون محاباة ولا محسوبية». وقال إن الحزب «لا يخجل من تعدد الآراء»، مضيفاً أن قوة الرأي تتجلى في «مدى التجذّر في القاعدة النضالية (...) وقدرة المناضل على تعبئة المناضلين واقناعهم برأيه». وينحصر الأداء السياسي عموماً في الوقت الراهن بين حزب أويحيى وحزب بلخادم، في حين تبدو حركة مجتمع السلم (حزب إسلامي) وكأنها خرجت من السباق بعدما تعثّرت جهود أبو جرة سلطاني في إعادة اللحمة إلى هذا الحزب الذي يُعتبر الفرع الجزائري ل «الإخوان».