وجد نادي مارسيليا نفسه في ورطة مع اللاعب جوي بارتون، فلا هو أبقاه، ولا أبعده، ووجدت الصحافة الفرنسية في ما يقوم به الإنكليزي الحاد المزاج مادة دسمة تملأ بها صفحاتها كل صباح. عادةً يُعرف الإنكليز ببرودة أعصابهم، غير أن هذا اللاعب يشتهر بانفلات دائم في سلوكه، إذ لم يهدأ طوال مسيرته لاعباً في مانشستر سيتي ونيوكاستل وكوبنز بارك، ومعاراً في مارسيليا أخيراً، وأعتقد أنه جاء بالأسد من أذنيه. بارتون لاعب موهوب باعتراف خصومه، لكنه ذو سوابق عدلية، أوصلته السجن أكثر من مرة، فهو كما يقول نشأ في بيئة عمالية تهيئ الفرد لأن يكون بهذا السلوك العدواني، يقول بارتون «هل تعتقدون أنني سأتصرف كمومس عندما أتعرض لاعتداء؟» فحدث أن دس سيجارة مشتعلة في عين أحد لاعبي السيتي بمناسبة أعياد الميلاد، لمجرد أنه مازحه، واعتدى أيضاً على الفرنسي عصمان دابو، ما أفقده أحد عينيه، فكلفه ذلك أربعة أشهر سجناً وتوقيفاً من نادي السيتي، ولم تعد الأندية ترغب في الاستفادة من خدماته كلاعب دولي، لا يختلف اثنان في مهاراته، لكنهم لا يأمنون شره عندما يتخلى عن هدوئه. وحدث أن ضبطته كاميرات المراقبة في قلب ليفربول وهو ينهال بعد منتصف الليل ضرباً على أحد الأشخاص، فلم ينكر جريمته، زُجّ به في السجن مدة 77 يوماً، قال بعد خروجه: «كنتُ أفكر في التوبة، لكنني وجدتُ في السجن كثيراً من الذين عرفتهم في شوارع ليفربول، وبادلتهم أعمال الشغب». وعاد مرة أخرى إلى ملاعب الكرة، ليأخذ نصيبه من عقوبات الاتحاد الإنكليزي حين ضبطته الكاميرات، وهو يعتدي في غفلة من الحكم على نجمي الأرجنتين في السيتي تيفيز وأغويرو، ليحال إلى الراحة الإجبارية، ولم تنفع معه محاولات مختلف الأندية التي لعبَ معها، فهو هادئ عندما يتحدثون إليه، وما أن تتحرك في نفسه نوازع الشر يقوم بها من دون أن يبدي أي شعور بالندم. اعتقد الناس أنه سيتوقف عن تصرفاته الغريبة بعد انتقاله إلى مارسيليا الذي كان بحاجة إلى لاعب في قيمة بارتون، لكنه تحول إلى عبء حقيقي، إذ توقف عن شغب الملاعب، لكنه دخل ملعب التويتر الواسع، ليعلن الحرب على تياغو سيلفا الذي اتهمه بالشذوذ، كما هاجم مينيز ونيمار، ما أثار حفيظة النادي الباريسي، وعلى رغم أن نادي مارسيليا اعتذر لسيلفا، فإن لجنة التأديب استدعت بارتون لسماعه، ومن دون شك ستسلط عليه عقوبة، قد تعجل برحيله من مارسيليا التي اقتنع مسؤولو فريقها أنهم لم يكسبوا بمجيء بارتون صفقة مربحة، فالأرقام دلت على أن النادي لم يفز بمباراة واحدة من تلك التي شارك فيها، لهذا فإن تجديد عقده بات من باب المستحيل، فأقصى ما يقدمه النادي للعب هو 250 ألف يورو، وهو ضئيل جداً بالنظر إلى قيمة اللاعب الدولية، لكنها فرصة للتخلص منه، وإعادته كالطرد إلى عنوانه الأصلي. ومن هنا، فإن الملاعب الإنكليزية تعرف مفارقات عجيبة، إذ إن بيكام هو أكثر اللاعبين وسامة وشهرة ودخلاً وتنقلاً بين قارات العالم، وجون تيري بتصرفاته العنصرية، وجوي بارتون بخروجه عن النص وتصرفه كاللص. [email protected]