تحل اليوم الذكرى الخامسة لتأسيس «حركة شباب 6 أبريل» التي كان لها دور فاعل في تحريك الاحتجاجات ضد النظام السابق في مصر، وسط استعدادات لتظاهرات «يوم الغضب» التي يُتوقع أن تكون حاشدة بعدما أعلنت غالبية القوى الثورية المشاركة فيها للاحتجاج على سياسات الرئيس محمد مرسي وجماعته «الإخوان المسلمين». وتشهد مصر منذ تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي حركة احتجاجات حركها الإعلان الدستوري الذي أعلنه مرسي وحصّن بموجبه الجمعية التأسيسية التي كتبت الدستور الذي لم يكن محل توافق القوى السياسية. غير أن هذه الفعاليات التي بدأت سلمية وجذبت حشوداً ضخمة تحولت مع مرور الوقت إلى اشتباكات بين المتظاهرين والشرطة تارة والمتظاهرين و «الإخوان» تارة أخرى، ما خفف من حجم الحشود، وجعل الجماعة الحاكمة تقول إن معارضيها يمثلون أقلية تلجأ إلى العنف لفرض آرائها. وستمثل تظاهرات اليوم التي تنطلق في القاهرة من أحياء شبرا والسيدة زينب وامبابة ومسجد مصطفى محمود في حي المهندسين الراقي إلى ميدان التحرير، فرصة للقوى الثورية من الشباب خصوصاً لاختبار قدرتهم على الحشد ضد الإخوان، بعدما انتهزت هذه القوى حلول ذكرى تأسيس حركة «6 أبريل» لتكثيف تحركاتها من أجل الحشد. وقالت عضو المكتب السياسي للحركة أنجي حمدي ل «الحياة» إن أحداً لا يستطيع توقع حجم الحشود اليوم، وإن كنا نتمنى أن يكون قوياً وضخماً للضغط على الحكم لتلبية مطالب المعارضة. وأضافت: «ندعو كل المواطنين للمشاركة في هذه التظاهرات بعدما انتقلت الدولة من فشل لفشل، فبعد أن ثرنا ضد عصابة حاكمة اكتشفنا أن الدولة تسلمتها عصابة أخرى... كأن الإخوان احتلوا مصر». وعلى رغم أن حمدي ترى في هذه التظاهرات السلمية فرصة لتشجيع المواطنين على المشاركة بعدما انفضوا عن التظاهر بسبب مشاهد العنف في الفعاليات السابقة، إلا أنها تحمل الدولة مسؤولية هذا العنف. وقالت: «لا يمكن توقع حدوث عنف أم لا، فالأمر لا يتوقف على مكان التظاهر، فحتى من كانوا يتظاهرون أمام قصر الاتحادية كانت تحركاتهم سلمية، ولكن عنف الشرطة يحول أي فعالية سلمية إلى مصادمات ربما لإلهاء الناس عن مطالبهم الأساسية وجرهم إلى مستنقع دم جديد». وانتقدت استهتار «الإخوان» بأعداد المتظاهرين في الفعاليات السابقة. وقالت: «كنا في كل الفعاليات التي سبقت ثورة 25 يناير عشرات وكان نظام مبارك يقول دائما إننا معارضة هشة، لكن هذه الأعداد القليلة استطاعت أن تؤثر في الشارع وتدفعه إلى التحرك ضد النظام، وهذا ما نسعى إلى تكراره، ويساعدنا في ذلك النظام الحالي نفسه عبر سياساته المرفوضة شعبياً». وأضافت: «نحن على يقين من أن الحشد القوي من شأنه زيادة الضغط على النظام، ولذلك منذ فترة نتواصل مع الناس في المناطق الشعبية عبر خطاب اقتصادي بحت يبرز استمرار سياسات الإفقار من أجل حضهم على الثورة ضد الإخوان، فضلاً عن التنسيق مع القوى السياسية والأحزاب والشخصيات العامة». من جهة أخرى، تظاهر مئات من الطرق الصوفية أمس أمام مشيخة الأزهر دعماً لشيخه أحمد الطيب، في أعقاب حادث تسمم مئات من طلاب جامعة الأزهر رأى معارضون أن «الإخوان» استغلوه للضغط على الطيب وتحريك احتجاجات ضده بسبب رفض هيئة كبار العلماء في الأزهر مشروع قانون الصكوك الذي سبق أن أحاله مجلس الشورى على الهيئة لإبداء الرأي فيه وفقاً للدستور الجديد. وبعدما رد الأزهر مشروع القانون إلى البرلمان جرت بعض التعديلات فيه، لكن لم يحله على الأزهر ثانية ورفعه إلى الرئيس بحجة الحاجة إلى إقراراه سريعاً بسبب الوضع الاقتصادي، غير أن مرسي أحاله على الأزهر تجنباً لعدم الدستورية. وأحال المجلس الأعلى للأزهر رئيس الجامعة أسامة العبد على التقاعد وقرر إجراء انتخابات لاختيار رئيس جديد لها، فيما لم يسلم شيخ الأزهر من انتقادات «الإخوان» الذين حملوه المسؤولية السياسية عن حادث التسمم. وندد خطباء مساجد عدة باقتحام طلاب مشيخة الأزهر والهتاف ضد الطيب. وانطلقت مسيرة من ميدان التحرير وأخرى من الحسين إلى الأزهر، وردد المشاركون فيها هتافات ضد جماعة «الإخوان» ومرشدها محمد بديع، ودعماً لشيخ الأزهر بينها: «لا إله إلا الله... أزهر مصر الشعب وراه» و «يا إمام يا إمام... إحنا وراك للأمام» و «يسقط يسقط حكم المرشد» و «لا إخوان ولا سلفية، الأزهر هو الشرعية». ورفعت لافتات كُتب عليها: «لا لأخونة الأزهر» و «الأزهر خط أحمر» و «شيخ الأزهر رمز للإسلام الوسطي ولا نقبل بإهانته». وشارك آلاف في تظاهرات دعم الطيب في الأقصر، مسقط رأسه، فيما توافدت حشود من محافظات الصعيد على ميدان أبو الحجاج في الأقصر للمشاركة في تظاهرات «إلا الأزهر». ورفع المتظاهرون لافتات تحذر من «أخونة الأزهر» وتدعم الطيب في مواجهة أي ضغوط. وفي الإسكندرية، انطلقت مسيرة من مسجد القائد إبراهيم إلى قيادة المنطقة الشمالية العسكرية دعماً لشيخ الأزهر، تخللتها مشادات وتلاسن بين المتظاهرين ومؤيدين ل «الإخوان»، بعدما ردد المتظاهرون هتافات ضد الجماعة وبديع ومرسي. إلى ذلك، تظاهر عشرات السلفيين أمس أمام منزل القائم بأعمال السفير الإيراني في القاهرة، احتجاجاً على التقارب بين القاهرة وطهران، ورشقوا جدران المنزل بالحجارة والألعاب النارية قبل أن تتدخل الشرطة لمنع اقتحام المنزل. وردد متظاهرون هتافات معادية لإيران، مطالبين بطرد السفير من مصر، ووقف «المد الشيعي»، كما هاجموا الرئيس مرسي وقيادات «الإخوان»، ورفعوا أعلام المعارضة السورية وصوراً لشيخ الأزهر، فيما حمل القائم بالأعمال الإيراني مجتبى أمان سوريين مقيمين في مصر مسؤولية الهجوم، لكنه نفى في تصريحات إلى «الحياة» ما تردد عن اقتحام منزله، مؤكداً إنه «موجود داخل المنزل ولم أتعرض لأي اعتداء». وتساءل: «كيف تسمح السلطات المصرية لمجموعات من السوريين بالهجوم على سفارة داخل الأراضي المصرية؟». وعلى رغم أنه غلب على المتظاهرين، الانتماء إلى التيار السلفي، إذ كان معظمهم ملتحين، غير أن أمان جزم بأن معظم المتظاهرين سوريون. ويأتي التظاهر بعد أيام من وصول أول فوج سياحي إيراني إلى الأراضي المصرية، ما أثار غضب السلفيين الذين اعتبروه «خطوة نحو نشر التشيع في مصر»، قبل أن يلتقي الرئيس مرسي مساء الأربعاء الماضي «الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح» التي تضم أبرز دعاة السلفيين و «الإخوان» وخرج بعضهم لينقل عن مرسي تأكيده «الحرص على التصدي لأي محاولات لنشر التشيع في مصر». وأشارت الهيئة إلى أن الاجتماع مع مرسي تطرق إلى عدد من القضايا الداخلية والخارجية على رأسها الموقف من العلاقات المصرية - الإيرانية. وأضافت في بيان أن «الرئيس أكد خلال اللقاء حرصه على التصدي لأي محاولات لنشر التشيع في مصر، وأن الحفاظ على عقيدة الأمة من أولى أولوياته، كما أكد ثبات موقفه من رفض جميع محاولات نشر المذهب الشيعي في مصر، وحرصه على الاحتفاظ بعلاقات سياسية متوازنة مع مختلف الأطراف».