اتخذت المحافظات الجنوبية في العراق تدابير أمنية مشددة وفرضت استنفاراً استخباراتياً وانتشاراً للقوات على خلفية معلومات عن امكان اتساع موجة الهجمات في بغداد لتشمل مدن الجنوب تزامناً مع بدء شهر رمضان الذي يشهد عادة تجمعات ليلية كثيفة في المساجد والحسينيات لحضور الخطب الرمضانية. وأغلقت محافظة ميسان (390 كيلومتراً جنوب بغداد) شوارع عامة وسط العمارة (مركز المحافظة) اثر معلومات عن وجود نية لتنفيذ هجمات. ونشرت شرطة العمارة دورياتها في عدد من المناطق، وأغلقت الشوارع المؤدية الى بغداد ودجلة وأحد الجسور الرئيسية في المدينة بعد ورود أنباء عن دخول سيارات مفخخة إلى المدينة، وبعد تفجير وقع في محافظة بابل جنوب بغداد. وفي السياق ذاته، قال رئيس لجنة الأمن في مجلس محافظة البصرة (480 كيلومتراً جنوب بغداد) علي المالكي إن «أجهزة الأمن استنفرت امكاناتها الاستخباراتية في البصرة (...) هذه الأيام سيكون جهدناً استخباراتياً أكثر منه عسكرياً. سينصب على الحصول على المعلومة أكثر من نشر نقاط تفتيش جديدة». وأضاف أن «العمليات التي حدثت أخيراً في البصرة وأبرزها قصف المواقع القريبة من مطار البصرة الدولي غير مؤثرة، واعتُقل مرتكبوها خلال فترة وجيزة». وكان مطار البصرة تعرض قبل أيام إلى قصف بصواريخ «كاتيوشا» وقذائف هاون من أماكن تقع في وسط المدينة من دون وقوع خسائر مادية أو بشرية. من جهتها، أعلنت المديرية العامة لشرطة محافظة ذي قار (380 كيلومتراً جنوب بغداد) خطتها الأمنية لشهر رمضان. وقال مدير العلاقات والإعلام في شرطة ذي قار العقيد صادق المشرفاوي إن «المديرية وضعت خطة أمنية مشددة في هذا الشهر ركزت فيها على مواقع العبادة والحسينيات والتجمعات السياحية في المحافظة». وأشار أيضاً إلى «تشديد الإجراءات التي تمنع دخول سيارات الحمل إلى مركز المدينة قبل الساعة السادسة مساء، وتحديد دخول سيارات الخضروات والفواكه بين الساعة الثانية ظهراً والساعة الرابعة عصراً». ولوحظت في البصرة عملية تدقيق وتفتيش واضحة لمركبات الحمل التي تتوقف عند نقاط التفتيش للتأكد من المواد على متنها. وقال أحد سائقي مركبات الحمل ل «الحياة»، وهو متوقف بعيداً من مركبته فيما يفتشها الجنود: «واجهت صعوبة في التنقل بين المحافظات حيث كنت أتوقف عند كل نقطة تفتيش، إضافة إلى النقاط في مدينة البصرة التي تتأكد من حمولتي ومن هويتي على غير العادة». وفي الإطار ذاته، تزايدت حدة المخاوف لدى المواطنين الذين أخذوا على عاتقهم سنوياً إقامة الليالي الرمضانية ومنهم «أبو علي» الذي يقيم سرادق في الشارع الرئيس تلقى فيه الخطب الدينية في كل ليلة. «أبو علي» يقول: «عرضت على أحد الجوامع أن أنقل الفاعليات الرمضانية إليه لتخوفي من العمليات التي من الممكن أن تحدث خروقاً أمنية أكون أنا المسؤول عنها». وأضاف: «ألغيت الليالي الرمضانية هذه السنة بعد عدم تمكني من إيجاد مكان آخر غير الشارع».