في رد فعل جديد على تكليف الشاعر المستقيل من عضوية لجنة الشعر في المجلس الأعلى المصري للثقافة أحمد عبد المعطي حجازي بتنظيم الدورة الثالثة لملتقى القاهرة للشعر العربي، وقع عدد كبير من المثقفين المصريين على بيان يحتج على «استعادة أهل الحظيرة إلى صدارة المشهد، وكأننا محلك سر ولم تقم فينا ثورة ولا يحزنون»، ويطالب بإعادة هيكلة وزارة الثقافة. وتعبير «الحظيرة» هنا يحيل إلى فترة تزيد على 20 عاماً تولى خلالها فاروق حسني وزارة الثقافة في مصر، وكان حجازي أثناءها في قلب دائرة الفعل الثقافي الرسمي. ويتولى حجازي حالياً رئاسة مجلس أمناء «بيت الشعر» التابع لوزارة الثقافة، ورئاسة تحرير مجلة «إبداع» التي تصدرها وزارة الثقافة أيضاً. وجاء في البيان الذي وضعه الشاعر والمترجم محمد عيد إبراهيم على صفحته على «فايسبوك»، أنه «في ظل هذه الظروف المؤسية التي تنتاب بلادنا، بعد ثورة أُجهضت أو تكاد، نرى الجماعة الثقافية في حيرة وتقاعس بل في فوضى وتردّي حال، بين مواجهة التحالف الشيطانيّ مع السلطة، سواءً كانت أحادية محافظة أو دينية متهافتة، ومقاومة الفساد الثقافيّ الذي يحتفي بالرجعية الماضوية أو السلفية الإبداعية. كما تنشط الآن لعب الاستقطاب والتهميش للقوى الطليعية المدنية في محاولة لتغييب الوعي الثقافيّ وقهر حداثة الإبداع التي تعيش زمانها، سعياً إلى تبعية تهدف إلى محاربة الدور المحوريّ للثقافة المصرية، حيث تسعى المؤسسة القائمة إلى جرّها لتدور في معية النظام، أيّ نظام، بالتربّح والفساد واستعادة أهل «الحظيرة» إلى صدارة المشهد، وكأننا محلك سر، لم تقم فينا ثورة ولا يحزنون» وأضاف أن مؤتمر الشعر العربيّ الذي انعقد مؤخراً في المجلس الأعلى للثقافة لم يكن غير حصاد واهٍ لهذه المعركة بين الجانبين: حيث انحصر في تكريس مجموعة من الأصنام التي يهفّ عليها ذباب الماضي، من محور تقليديّ باهت وأسماء في معظمها لم تعد تمثّل الحداثة الشعرية المصرية الراهنة، برعاية شاعرٍ كان كبيراً في زمانه وصار سادناً مع أتباعه للسلفية الشعرية، وتواطؤٍ من لجنة شعر صمتت فسمحت لغيرها أن يُلبسوها أكفان جُثث من دون نأمة شكاية أو تذمّر. ولاحظ أنه يحدث هذا في الوقت الذي تعمل فيه المؤسسة الثقافية على تحقيق ما لم تستطعه المؤسسة السياسية اليمينية الحاكمة، بمخطّط «تبوير ثقافيّ» كامل تعتمده من عشرات السنين ولا تزال، كأنها التمثيل الدقيق لمشروع الإسلام السياسي الحاكم الذي يعادي الثقافة الحرة بطبيعته، ما يعدّ ضرباً لثقافة طليعية تناسب المثقف المصريّ الآنيّ وطموحاته، حيث ننبه إلى أنه مع تآكل النخب الثقافية، إلا أن البنية الثقافية لا تزال صلبة شبه نقية بإمكانها أن تستلم الزمام نحو مستقبل لا يُنكر الماضي لكن يعي دور الحاضر أكثر. وطالب الموقّعون على البيان، بإعادة هيكلة وزارة الثقافة بأجنحتها المختلفة بالشكل الذي يسمح بالاستجابة لأشواق التغيير التي تواكب ثورة الشعب المصري العظيم، وحلّ جميع اللجان التي تقوم على إدارة الشأن الشعري في مصر وعلى رأسها «بيت الشعر» ومركز «كرمة ابن هانئ»، وكذلك حلّ لجنة الشعر بالمجلس الأعلى للثقافة، التي تواطأت فانكفأت، وإبعاد الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي عن هذه المواقع، فقد أساء للشعر المصري أبلغ إساءة خلال أكثر من عشرين عاماً استطاع خلالها إقصاء كل التيارات الطليعية من المشهد المصري والعربي على حدّ سواء. وأكد الموقّعون على البيان أنهم يصرّون على أن هذا البيان سيكون فاتحة لبيانات متّصلة ومتوالية حول الأداء العام لوزارة الثقافة، محذّرين من أن تجاهل مطالبهم سيرتّب نتائج وخيمة ستدفعهم، بالقطع، إلى تصعيد مثل هذه المطالب، واقتناصها بل وفرضها بكل الطرق السلمية المشروعة.