قد لا يتشارك المعلم والحلاق سوى بالوقوف لساعات طويلة، فالأول تكون وقفته والنظر إلى وجوه الطلبة والشرح وترديد ما اختزنت ذاكرته من معلومات، والآخر يقف وجل تركيزه على رؤوس زبائنه، والنظر إلى الشعيرات الزائدة يميناً ويساراً، إضافة إلى تحديد شعر الوجه، في محاولة لإظهار المحلَّق له في أجمل صورة ممكنة، إلا أن التونسي رمزي، جمع بين الاثنتين ليؤدي رسالته النبيلة صباحاً في إحدى المدارس الخاصة بعقد خاص، وفي المساء يتفرغ لمهنة أحبها منذ الصغر ووقفت إلى جانبه أثناء دراسته للغة الفرنسية في العاصمة الفرنسية باريس. وعلى رغم ازدحام جدول رمزي الصباحي و المسائي، بيد أن أوقات عمله سمحت له بأن يقدم الكثير من الخدمات لزبائنه منذ الخامسة عصراً حتى ال 11 ليلاً، من حلاقة للرأس، الذقن، تنظيف البشرة، والحمام المغربي، الذي يرى أن قرار منع صوالين الحلاقة من تقديمه إضافة إلى خدمات «المساج» والتدليك، سيكلفه أكثر من نصف أرباحه الشهرية التي بالكاد تغطي مصاريف دراسة أبنائه الثلاثة، وإيجار شقته السكنية. اعتماد صالون الحلاقة على خدمة الحمام المغربي الذي أشار إليه رمزي إلا أنه الطلب الرئيسي للكثير من زبائنه، الذي لا يكلفه سوى جهد بدني بدلك الجسد بالصابون المخصص له، بعد ملء الغرفة المخصصة له بالبخار، والمجهزة مسبقاً بسرير رخامي، لتبدأ عملية كشط الجلد الميت لتعود النضارة إلى الجسم، والتي تكون مطلباً رئيسياً ومهماً ل «العرسان» إضافة إلى قص الشعر وحلاقة الذقن وتقليم الأظافر. ويرى رمزي أن اكتفاء صالون الحلاقة بتشذيب الذقن والرأس لا يشكل أي ربح له، مقارنة بربح خدمات الحمام المغربي والمساج، التي عادة ما تقدَّم وحدها ب 100 ريال للجلسة الواحدة، فيما يبلغ مرتب اختصاصي المساج الذي يكون غالباً من الجنسية الآسيوية ابتداء من ثلاثة آلاف ريال، وفي بعض الحالات يكون عمل الآسيوي مناصفة بين الصالون وبينه. وقد يحول قرار منع تقديم خدمات المساج والحمام المغربي في الصوالين، من رمزي إلى معلم بلا هواية الحلاقة التي تدر عليه دخلاً كبيراً، وهي المهنة التي رافقته منذ دراسته في الصفوف الثانوية في تونس، وسنوات الاغتراب في العاصمة الفرنسية باريس للدراسة الجامعية، وصولاً إلى عروس البحر الأحمر كما يصفها أهلها وسكانها «جدة».