لا تحمل الزلازل في العادة أخباراً سارة. لكن واحداً منها كسر القاعدة في آب (أغسطس) الماضي، إذ إنه لم يؤد إلى تدمير وضحايا، وفوق ذلك خلَّص عدداً من العائلات من خطر الموت الذي كان يهددها. وضرب الزلزال الجزائر العاصمة بقوة 5.6 على مقياس ريختر، فترنحت الأبنية الآيلة إلى السقوط، خصوصاً في أحياء باب الوادي وبولوغين، وتصدعت جدرانها وتهاوت أدراجها. وسكان هذه الأحياء مدرجون منذ سنتين على قوائم الترحيل إلى مساكن لائقة استكمل تشييدها منذ ثمانية أشهر خارج العاصمة. ودفع التخوف من اندلاع احتجاجات وزراء الحكومة للنزول إلى الميدان والاطمئنان إلى أوضاع العائلات التي نظمت احتجاجات كثيرة في الأشهر الماضية للمطالبة بإجلائها من مساكن صغيرة ومتداعية وتعود إلى الحقبة الاستعمارية. وأمر وزير الداخلية والجماعات المحلية الطيب بلعيز محافظ العاصمة بترحيل المعنيين في ظرف خمس ساعات خوفاً من هزة أرضية أخرى قد تضرب العاصمة وتوقع كارثة. ولم تتأخر المحافظ في تنفيذ القرار، فأجليت على الفور 60 عائلة كانت تقطن في عمارة واحدة نحو مساكن جديدة في حي الشعايبية جنوب العاصمة في 60 شاحنة وثلاث حافلات تولت نقل المعنيين، الذين لم يكونوا يصدقون ما يحدث. عمي مقران (60 عاماً) واحد ممن شملهم القرار. مسكنه كان عبارة عن غرفة واحدة ومطبخ، فيما عائلته تتكون من عشرة 10 أفراد، خمسة ذكور وثلاث بنات. يقول إن معاناته مع أزمة السكن تعود إلى 1990، وإنه لم يترك مسؤولاً إلا وراجعه "لكن كل الأبواب صُدت في وجهي وعشت طيلة هذه السنين على وعود كاذبة". مقران وكل الذين رحلوا بكوا، ليس لمغادرتهم سكنهم بل لدى وصولهم إلى شققهم الجديدة: غرف واسعة، منتفعات كافية، الحي يضم كل الضروريات، من المدرسة إلى العيادة إلى الخدمات العامة. إنه الحلم الذي تحقق بفضل الزلزال.