تقطع بائعة رأس ضفدعة اصطادتها في مستنقعات اندونيسيا التي يكثر فيها البعوض لينتهي بها المطاف على طاولة يغطيها شرشف ابيض في مطعم باريسي فخم. وتعتبر اندونيسيا أول مصدّر للضفادع في العالم وتؤمن 80 في المئة مما تستورده أوروبا من هذه الحيوانات. إلا أن الاستهلاك الداخلي يشكل أكثر بمرتين إلى سبع مرات هذه الكمية على ما تفيد التقديرات، لأن الإندونيسيين يعشقون اكل هذا الحيوان أيضاً. وتؤكد سري مولياني بائعة الضفادع أن هذه الحيوانات مصدر رزق جيد. عند ساعات الفجر الأولى وفي سوق قرب جاكرتا، تقوم سري مولياني بسلخ جلد الضفادع وتدخل أصابعها في لحم الحيوان اللزج لتنتزع أحشاءه قبل أن ترميه فوق كومة عالية من أقرانه كان لها المصير ذاته. وتقول: «اشعر أحياناً بالاشمئزاز إلا أني أفكر سريعاً بالمال الذي اجنيه». فالبائعة وزوجها صياد الضفادع يجنيان 500 ألف روبية يومياً (52 دولاراً) وهو مبلغ يشكل ثروة إذا ما قورن بالحد الأدنى للأجور في جاكرتا والبالغ 220 دولاراً في الشهر. ويقول سوانتو: «اصطاد الضفادع منذ العام 1992، وكان أبي صياداً لها أيضاً قبلي». لا يبتعد سوانتو كثيراً لتحصيل لقمة العيش. فوراء منزله تمتد على مد النظر حقول أرزّ ومستنقعات. وفي كل مساء قرابة الساعة الثامنة وعندما يكون الظلام دامساً يطارد هذه الحيوانات مع مجموعة من الأصدقاء. ويتقدم الصيادون حفاة الأقدام في وحل المستنقعات حتى لا يخيفوا طرائدهم. وحده الضوء الخافت لمصابيح عمال المناجم التي يحملونها، يخترق عتمة الليل قليلاً، إلا أن اعينهم المعتادة على ذلك لا تواجه أي مشاكل في رصد هذه الحيوانات. وهم يقبضون بواسطة شباكهم الصغيرة على عشرات الضفادع في أماكن لا يمكن للعين غير المدربة أن تراها. وعند عودتهم قرابة الساعة الأولى فجراً تكون المجموعة قد اصطادت 50 إلى 70 كيلوغراماً من الضفادع. وتقول ساندرا الثير من منظمة «برو وايلدلايف» الألمانية التي نشرت العام الماضي تقريراً مقلقاً حول الوضع: «نحن نخشى أن تنهار أعداد الضفادع على مر السنين». وإذا اندثرت الضفادع سيعاني النظام البيئي برمته من اختفائها إذ إن هذا الحيوان أساسي لمنع تكاثر الحيوانات الضارة. وتفاعلت فرنسا التي تستهلك 80 مليون ضفدعة سنوياً مع خطر اندثار هذا النوع من خلال حظرها الصيد التجاري في العام 1980. فحلت مكانها الهند وبنغلادش، إلا أن هذين البلدين منعا بدورهما الصيد نهاية الثمانينات. فاغتنمت إندونيسيا عندها الفرصة.