تعرضت منظومة القيم والأخلاق في مجتمعنا إلى انهيار خطير الأمر الذي بات يؤرق كل من له ضمير في هذه البلاد. أمور لم نكن نتوقع أبداً حدوثها حتى بات الشارع المصري عبارة عن كابوس مدمر. انتهاكات من كل الأشكال، انتشار البلطجة، وحديث القتل والسرقة والاغتصاب وتخلف النخبة العقلي بات حديث كل الصحف والفضائيات. الكل يعاني، خصوصاً المرأة وبنات المدارس من مضايقات، وأخلاق الشياطين في تراجع رهيب لا يليق بثورة عظيمة مثل ثورة 25 يناير 2011. بات واضحاً أن جرم النظام السابق هو سحق منظومة الأخلاق ومسخ ما تبقى من الإنسان المصري وتجريف عقله وتغليب كل ما هو سيء وقبيح على كل ما هو جيد وجميل. وما يحدث في الشارع المصري نتيجة طبيعية لجرائم العهود السابقة. وكنت أتمنى أن تنشغل جماعة «الإخوان المسلمين» وكل التيارات الإسلامية بالتفرغ التام لإعادة منظومة القيم والأخلاق إلى المجتمع المصري وإعادة حرث الأرض المصرية المجرفة لتصبح صالحة للزراعة مرة أخرى من دون الحديث عمن يحكم أو يسيطر. لكن هذا لم يحدث والكل متفرغ تماماً لأجندته الخاصة، ولا أدري من سيحكم ومنظومة الأخلاق والقيم منهارة بشكل يؤذي كل من له عقل وضمير. لذلك أتوقع المزيد من الخلل لأن لا أحد يمارس دوره كما ينبغي ولو تفرغ «الإخوان» لتعليم الشارع المصري مبادئ الإسلام التي هي مبادئ الأخلاق التي يتمناها القاصي والداني - وأعتقد بأن هذه كانت أهداف الإمام الشهيد حسن البنا التي من أجلها أسس الجماعة - لو فعلوا ووضعوا الخطط لتوقف الفساد بكل أنواعه عند حدوده ثم بتره تماماً بالتعاون مع كل النخب التي «تحب مصر» وتتمنى لها الخير كل الخير. هذا هو مشروع النهضة الحقيقي، لا إقامة أسواق، مثلما كان يفعل أركان النظام السابق، فليس بالطعام وحده تحيا الشعوب وإنما تحيا بمبادئ وسماحة الأديان، ولنا في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة. أعتقد بأن الإسلام محارب من الجميع حتى ممن يدعون أنهم ينصرونه بسوء فكرهم وتصرفاتهم ولا حول ولا قوة إلا بالله. منظومة الأخلاق والمبادئ في الشارع المصري تحتضر بفعل فاعل وبات الجميع مهدداً ومن يخرج من بيته يدرك أنه قد لا يعود إليه مرة أخرى، وظاهرة التحرش شيء مخز، فما تتعرض له المرأة المصرية وهي في طريقها إلى المدرسة أو في عودتها، شيء بشع. وخلاصة الكلام أنها تهان... تهان ثم تهان بدرجة لا تليق ببلد غالبيته من المسلمين. إن أخلاقيات الإسلام في الشارع المصري وغيره غائبة تماماً ولا عزاء للتيارات الإسلامية. الشباب يعاني من البطالة والعنوسة، وكما كان قنبلة انفجرت في وجه النظام السابق وأطاحته، سينفجر مرة أخرى ويطيح النظام الحالي ومعه المجتمع المصري كله.