انتقد زعيم «إسرائيل بيتنا»، الرجل الثاني في تحالف «ليكود بيتنا» الحاكم في إسرائيل، وزير الخارجية السابق أفيغدور ليبرمان الاعتذار الذي قدمه رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو لنظيره التركي على مقتل تسعة مواطنين أتراك بسلاح الجيش الإسرائيلي أثناء اعتراض سفينة «مرمرة» التركية التي كانت تتجه إلى قطاع غزة للتضامن مع أهله، واعتبره «خطأ جسيماً من شأنه أن يمس بمعنويات الجنود الإسرائيليين». في المقابل، أفادت تقارير صحافية أن رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي الجنرال بيني غانتس أيّد أن يقوم نتانياهو بالاعتذار من تركيا. وقال ليبرمان الذي يشغل منصب رئيس لجنة الخارجية والأمن البرلمانية ويتوقع أن يعود بعد أشهر إلى كرسي وزير الخارجية في حال تبرئته من ملف اتهام «خيانة الثقة والاحتيال»، في بيان أن «اعتذار دولة إسرائيل على نشاط قام به الجيش الإسرائيلي ضد منظمة إرهابية هو خطأ خطير ... وكل من شاهد الصور التي التقطت على متن سفينة مرمرة يدرك بلا أدنى شك أن الجنود كانوا في موقع الدفاع عن النفس أمام ناشطين من منظمة آي أتش أتش التي تُعرفها دول أوروبا أيضاً، وبينها ألمانيا وهولندا، منظمة إرهابية». وتابع أن الاعتذار يمس بمعنويات جنود وحوافزهم واستعدادهم لتنفيذ مهمات مماثلة في المستقبل، وتقوّي في المقابل الجهات المتطرفة في المنطقة. وزاد أن «الأسوأ في الموضوع هو حقيقة أن الاعتذار يمس أيضاً بالمعركة التي يخوضها الشعب في إسرائيل بلا هوادة في شأن عدالة طريقه وأخلاقياته وأخلاقيات جنوده. وأردف البيان أن ليبرمان يثمّن العلاقات الطيبة التي سادت سنوات كثيرة بين الشعبين اليهودي والتركي «لكن القيادة التركية الحالية برئاسة رجب طيب أردوغان ووزير خارجيته أحمد داود أوغلو هي المسؤولة وحدها عن تردي العلاقات بين الدولتين». وزاد أن «انفلات أردوغان ضد إسرائيل في كل مناسبة متاحة، بدءاً بتهجمه على الرئيس شمعون بيريز في مؤتمر دافوس عام 2009، حتى وصفه قبل أسابيع الحركة الصهيونية بالعنصرية والجريمة ضد البشرية ورفضه الاعتذار عن ذلك بشكل صريح في موازاة الاعتذار الإسرائيلي، يمس بكرامة إسرائيل ومكانتها في المنطقة والعالم بأسره». وكان ليبرمان أحبط في السنوات الثلاث الماضية كل محاولة للمصالحة مع تركيا في مقابل اعتذار إسرائيل بداعي أن اعتذاراً كهذا يمس بكرامتها وبهيبة جنودها. لكن معلقين استبعدوا أن يبادر ليبرمان، الذي تحالف مع نتانياهو في الانتخابات الأخيرة، إلى أزمة حقيقية في الحكومة الجديدة لإدراكه أن انسحابه وحزبه من الحكومة قد يقابَل بانضمام حزب «العمل» الوسطي إليها. من جهته، رأى نائب وزير الخارجية السابق داني أيالون أن الخطوة التي قام بها نتانياهو «حكيمة وصحيحة لأن العلاقات مع تركيا مهمة جداً. وأضاف أن إسرائيل كانت مستعدة للاعتذار «لكن تركيا بحثت عن كيف تذل إسرائيل في المنابر الدولية وتمس بمكانتها، و «الآن، وبما أن الولاياتالمتحدة هي التي بادرت للمصالحة وليس على حساب إسرائيل، تم الاتفاق على مضمون اعتذار يحترم الأطراف كافة». لكن أيالون الذي شارك في تأزيم العلاقات مع تركيا عندما استدعى السفير التركي في تل أبيب إلى مكتبه للتوبيخ وأجلسه على كرسي منخفض بينما جلس هو على كرسي مرتفع بهدف إذلاله قبل أن يضطر إلى الاعتذار رسمياً على فعلته، استبعد أن تعود «الحميمية والتقارب بين إسرائيل وتركيا» إلى سابق عهدهما، إلا أنه أضاف أنه يمكن إنشاء علاقات رسمية على أساس المصالح المشتركة. كما تلقى نتانياهو التأييد لخطوته من زعيمة المعارضة شيلي يحيموفتش، وزعيمة «الحركة» الشريكة في حكومته تسيبي ليفني، ومن رئيس هيئة أركان الجيش الجنرال بيني غانتس. ورأى مراقبون أن دعم غانتس لخطوة نتانياهو يعكس رغبة المؤسسة الأمنية في استعادة العلاقات الأمنية والاقتصادية مع تركيا. وأشاروا إلى أنه منذ الأزمة لم يعد سلاح الجو التركي ذلك الشريك القوي والمهم في التدريبات التي يجريها السلاح الجو الإسرائيلي مع نظرائه من دول مختلفة، كما كان في العقدين الأخيرين، مشيرين إلى أن القطيعة بين البلدين اضطرت سلاح الجو الإسرائيلي إلى الاستعانة بنظيره في بولندا واليونان وإيطاليا لإجراء مثل هذه التدريبات. ولفتت مصادر أمنية إلى أن الأزمة بين البلدين تسبّبَت في أن تمنع تركيا سلاح الجو الإسرائيلي من الاقتراب إلى أجوائها أثناء طلعاته التدريبية. وتابعت أنه مع انتهاء الأزمة، تلقت إسرائيل تلميحات من أنقرة أن بإمكان كبار الضباط الإسرائيليين التوقف في مطارات تركيا في طريقهم إلى دول أخرى، من دون التخوف من اعتقالات، في أعقاب إلغاء الشكاوى ضدهم. كذلك سيدرس الجيش احتمال السماح لضباطه وجنوده بقضاء إجازاتهم في تركيا. واعتبرت والدة أحد جنود وحدة الكوماندوز التي اعترضت سفينة «مرمرة»، اعتذار نتانياهو «ترفعاً عن الصغائر» وتغليباً للعقل على العاطفة، وخطوة صحيحة من جانب نتانياهو. وأعربت عن أملها في أن يقود ذلك إلى تبني سياسة سلام وتجاوز العداء.