عدّل صندوق النقد الدولي خفضاً توقعاته للنمو في معظم الدول العربية هذه السنة، بسبب الانعكاسات المرتقبة للنزاعات الدائرة باستثناء دول الخليج النفطية التي يزداد اقتصادها ازدهاراً. وفي تقرير جديد حول الاقتصاد العالمي صدر أمس، أوضح الصندوق أن الناتج الداخلي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا «لن يزيد على 2.6 في المئة هذه السنة، فيما كان رجّح في نيسان (أبريل) الماضي بلوغه 3.2 في المئة». وانسحب الخفض على تقديرات النمو في هذه المنطقة للعام المقبل، «إلى 3.8 في المئة في مقابل 4.5 في المئة». واعتبر الصندوق أن «الارتفاع المرتقب للنمو لهذه السنة سيكون أضعف مما كان متوقعاً، مع تفاقم النزاعات في بعض دول المنطقة». ولفت إلى احتمال «ارتفاع معدل النمو للعام المقبل، بشرط تحسن الوضع الأمني الذي سيتيح استئناف إنتاج النفط وتحديداً في ليبيا». ولم يستبعد الصندوق أن «يتأثر الاقتصاد العراقي المتدهور بالفعل، بتداعيات النزاع المسلح بين الائتلاف الذي تقوده الولاياتالمتحدة وبين «تنظيم الدولة الإسلامية». وبذلك تراجعت التوقعات في شكل ملحوظ، إذ رجح الصندوق «انخفاض نمو الاقتصاد العراقي إلى 2.7 في المئة هذه السنة، بعد ارتفاعه إلى 5.9 في المئة عام 2013». أما بالنسبة إلى عام 2015، ف "لن يزيد نمو الاقتصاد العراقي المعتمد كلياً على النفط، على 1.5 في المئة، في مقابل 6.7 في المئة كانت مقدرة في نيسان الماضي». وعدّل صندوق النقد خفضاً نمو اقتصادات الدول المصدرة للنفط عموماً بما فيها دول الخليج والجزائر وليبيا والعراق وإيران لهذه السنة، إلى 2.5 في المئة في مقابل 3.4 في المئة في تقرير نيسان الماضي، وشمل تقليص التوقعات للعام المقبل من 4.6 في المئة في نيسان إلى 3.9 في المئة». وفي دول مجلس التعاون الخليجي الست، أشار إلى نمو اقتصاداتها «سيبقى مرتفعاً مع معدل وسط 4.5 في المئة لهذه السنة وعام 2015». لكن حذر من «تقلّب أسعار في حال حدث ضعف في الطلب وزيادة في إنتاج الدول غير الأعضاء في «أوبك» وتحديداً الولاياتالمتحدة». وإذا كان الصندوق رفع توقعاته للنمو في المملكة العربية السعودية والإمارات وقطر، فهو خفضها بالنسبة إلى الكويت التي سجل اقتصادها انكماشاً نسبته 0.4 في المئة العام الماضي». وفي الدول المصدرة للنفط غير الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، توقع الصندوق أن «يقتصر معدل النمو في المتوسط على 0.25 في المئة فقط هذه السنة، بسبب الاضطرابات السياسية الأخيرة وتدهور الوضع الأمني». لكن لم يستبعد ارتفاع معدل النمو إلى 3 في المئة عام 2015، بشرط استئناف الإنتاج النفطي في العراق وليبيا واليمن». ونبّه إلى أن «هذه الافتراضات عرضة كثيراً للتغير». ورأى ان من أولويات معظم دول المنطقة المصدرة للنفط، «السيطرة على عجز موازناتها على رغم اتجاه العجز إلى التراجع»، استناداً إلى التقرير. وخلُص الصندوق في تقريره، إلى أن النشاط الاقتصادي في الدول المصدرة للنفط «سيتحسن تدريجاً، فيما لا تزال هذه الدول تواجه عمليات انتقال سياسي اجتماعي صعبة، وتراجعاً في الثقة ونكسات نتيجة النزاعات الإقليمية». واعتبر أن اقتصادات دول الربيع العربي وتحديداً مصر وتونس واليمن «ستظل متأثرة سلباً بحال من عدم الاستقرار».