جرت العادة أن تتسيد الأكلات الشعبية الخليجية مائدة شهر رمضان المبارك، وخلال السنوات الماضية دخلت الأطباق الشامية والتركية والإيرانية منافساً قوياً بفضل كتب الطبخ والبرامج التلفزيونية. «أيادي العولمة» امتدت إلى المائدة الرمضانية أيضاً، لتضم موائد السعوديين في شهر البركة أكلات مما وراء البحار، لتصبح بعضها من مكونات الموائد الرمضانية، أبرز هذه الأكلات «البيتزا» التي أصبحت تحتل مساحة في كل مائدة. ولعل المأكولات الشعبية السعودية تحتمي تحت ظل المحافظة على التقاليد والعادات، لكنها خلال السنوات الأخيرة أصبحت تتعرض للقصف من «سيدة الفطائر»، بعد أن أصبح الجيل الحالي، خصوصاً من الشبان والمراهقين والأطفال، يلحون على والديهم باستبدال وجبتهم الشعبية المعروفة، خصوصاً أوقات العشاء بوجبة البيتزا الإيطالية. وانتزعت البيتزا الإيطالية خلال الأعوام العشرة الأخيرة موقعاً مميزاً على خريطة الوجبات السريعة المعشوقة لدى السعوديين. وكانت حاضرة في أكلهم اليومي بخاصة في وجبة العشاء، إلا أنها كانت في شهر رمضان شبه غائبة، إذ تعود المائدة إلى المأكولات الشعبية ك«الهريس، والفريد، وغيرهما». وكسرت البيتزا الإيطالية ذلك المد الذي يأتي من «سيدة أسواق الوجبات السريعة»، الوجبات الأميركية، محققة قفزات كبيرة في ظل تنافس محموم بين المطاعم الصينية والهندية والعربية الأخرى. وإن كانت البيتزا الإيطالية ظهرت مع بداية الحرب العالمية الثانية بشكلها المعروف لنا حالياً، وانتشرت في إيطاليا خلال الحرب لأنها رخيصة الثمن، لكنها في الوقت الحالي ستجد أن أسعارها تقفز إلى أسعار تتخطى أغلى الوجبات السريعة.ولأن «سيدة الفطائر» سهلة التركيب، خصوصاً أنها تتألف من طحين القمح والجبنة وزيت الزيتون ومعجون الطماطم، الأمر الذي دفع بعض الشبان السعوديين، خصوصاً الذين يعانون من البطالة، إلى العمل في مطاعم البيتزا الشهيرة في السعودية، إذ يؤكد القائمون على تلك المطاعم أنهم لم يتوقعوا أن يندمج الشبان مع صناعة البيتزا الإيطالية، وأن يتفننوا في فرد عجينتها بين أيديهم بسهولة، من خلال دورات لا تتجاوز 4-7 أسابيع. البيتزا الإيطالية، الوجبة الشعبية الأشهر في العالم، عقدت بين السعوديين والإيطاليين نوعاً من التواصل الثقافي الذي سيظل أسرع طريق وصل إلى «معدة» السعوديين، التي تؤدي إلى قلوبهم. ويبدي الكثير من السعوديين تخوفهم من أن تتحول المائدة الرمضانية إلى الأكلات الغربية أو الشرقية، ويتم نسيان الأطباق الخليجية الشعبية، التي يعود عمرها إلى مئات السنين، ويرون أن المائدة الخليجية شهدت خلال العقدين الماضيين تحولاً في نوعية الأطباق، حتى إن الأسر أصبحت لا تعرف موائدها الأطباق الخليجية إلا في شهر رمضان المبارك