أعلن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أمس أن المنظمة الدولية ستُحقق في معلومات عن استخدام سلاح كيماوي في سورية، في يوم حقق مقاتلو المعارضة تقدماً في الجزء السوري من هضبة الجولان. وأعتبر الرئيس السوري بشار الأسد أن النزاع المستمر في بلاده منذ عامين هو «معركة إرادة وصمود». وقال بان للصحافيين «قررت أن تُجري الأممالمتحدة تحقيقاً في شأن استخدام محتمل لأسلحة كيماوية في سورية»، موضحاً أن التحقيق سيبدأ «ما أن يصبح ذلك ممكناً عملياً» وسيتعلق «بحوادث محددة أُبلغت بها من الحكومة السورية». ويأتي التجاوب الأممي غداة طلب دمشق رسمياً من المنظمة تشكيل «بعثة فنية متخصصة ومستقلة ومحايدة» للتحقيق في سقوط صاروخ يحمل مواد كيماوية في خان العسل بمحافظة حلب (شمال). وتبادل طرفا النزاع الاتهام بالمسؤولية عن الحادث الذي أدى إلى مقتل 31 شخصاً. وفي حين دعمت موسكو وطهران، الحليفتان للنظام السوري، موقف دمشق، ردت الدول الغربية بالحديث عن عدم وجود أدلة لاتهام مماثل. وطالبت فرنسا وبريطانيا والولاياتالمتحدة بدورها من بان إرسال بعثة للتحقيق «في مجمل الأراضي (السورية) لتسليط الضوء على كل الادعاءات» من دمشق والمعارضة. ورحبت الولاياتالمتحدة بإعلان بان كي مون لكنها حضت الأممالمتحدة على التحقيق في كل المزاعم ذات الصدقية عن مثل هذه الهجمات. وقالت السفيرة الأميركية لدى الأممالمتحدة سوزان رايس في بيان «الولاياتالمتحدة تدعم تحقيقاً يتابع أي وكل المزاعم ذات الصدقية عن الاستخدام المحتمل لأسلحة كيماوية في سورية وتؤكد أهمية بدء هذا التحقيق بأسرع ما يمكن». وعلى مقربة من مناطق وجود قوات الأممالمتحدة لفض الاشتباك في الجولان، حقق مقاتلو المعارضة في الساعات الأخيرة تقدماً في هذه الهضبة التي تحتل إسرائيل أجزاء واسعة منها، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان. وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن في اتصال هاتفي مع وكالة «فرانس برس»، «يبدو أن مقاتلي المعارضة يشنون هجوماً متزامناً في مناطق عدة من الجولان»، سيطروا خلاله «على بلدات وقرى عدة في محافظة القنيطرة»، بينما تدور اشتباكات عنيفة منذ الصباح في مناطق سحم ووادي اليرموك في محافظة درعا. وكان المرصد أفاد ليل الأربعاء عن سيطرة مقاتلين معارضين على «منطقتي مشاتي الخضر ودوار بلدة خان أرنبة وعلى سريتين للهاون» في محافظة القنيطرة إثر اشتباكات عنيفة. وتحدث عن اشتباكات «في محيط كتيبة المدفعية وحاجز أوفانيا بين بلدتي خان أرنبة وجباتا الخشب، يرافقها قصف متبادل في منطقة التل الأحمر». وفي ريف درعا، قال المرصد إن المقاتلين «سيطروا على مبنى نادي الضباط في قرية جلين إثر انسحاب القوات النظامية منه»، في حين تتعرض «بلدات وقرى سحم الجولان وتسيل والشجرة ونافعة وجملة للقصف بالطيران الحربي وقذائف المدفعية». كذلك تشهد المنطقة «اشتباكات بين مقاتلي الكتائب المعارضة والقوات النظامية في المنطقة ومعلومات عن محاصرة حاجز العلان العسكري»، وفق المرصد. وقال مصدر أمني سوري ل «فرانس برس» أمس إن «ما بين ألفين و2500 مقاتل دخلوا إلى جنوب سورية قادمين من الأردن»، مشيراً إلى أن هؤلاء «مدربون ومسلحون في شكل جيد». ويأتي هذا التقدم بعد يومين من استيلاء المعارضة على مركز للهجانة قريب من الحدود الأردنية وعلى مركز كتيبة دبابات في ريف درعا في جنوب البلاد. وذكرت مجلة «دير شبيغل» الألمانية في الحادي عشر من الشهر الجاري أن قوات أميركية خاصة تدرب سراً مقاتلين سوريين معارضين في الأردن. وأشارت إلى أن العدد الأولي هو 200 مقاتل، مع هدف بتدريب 1200 منهم. وفي تصريحات نشرتها وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، اعتبر الرئيس الأسد أن «سورية اليوم كلها جريحة (...) ومع ذلك فإن كل الذي يحصل لنا لا يمكن أن يجعلنا ضعفاء، والمعركة هي معركة إرادة وصمود». وكان الأسد يتحدث خلال قيامه الثلثاء بزيارة مفاجئة إلى المركز التربوي للفنون التشكيلية الواقع في حي التجارة، حيث شارك في حفل تكريم لمناسبة عيد المعلم، أقيم للأهالي الذين فقدوا أولادهم على مقاعد الدراسة. واعتبر أن «استهداف المدرسين من قبل الإرهابيين واستشهادهم يؤكدان أن معركة السوريين بالدرجة الأولى هي ضد الجهل، فهم استشهدوا خلال نشرهم للعلم والثقافة».