مع تراجع السياحة في لبنان في ضوء الأحداث التي تمر بها المنطقة، قرّر العم شربل إغلاق متجر "الأنتيكا" (القطع القديمة) الذي كان يمتلكه، مقلِّصاً بذلك نفقاته من ضرائب ورواتب موظفين. وبما أن أزمة البلاد طالت، والبحث عن لقمة العيش أصبح أشد قسوة، خصوصاً مع التفجيرات التي تعصف بلبنان بين الحين والآخر، كان الحل عند العم شربل في العودة إلى مهنته الأولى، السياحة البحرية، فأعاد افتتاح منتجع صيفي قديم يقع على أطراف العاصمة بيروت، بمشاركة عدد من المستثمرين، متحولاً من صاحب متجر "أنتيكا" إلى مستثمر في السياحة البحرية. ويشرح شربل أن تراجع عدد السياح العرب والأجانب الذين كانوا يشكلون الشريحة الأهم من زبائن الأثريات، دفعه إلى اتخاذ قرار الإفادة مما هو متوافر: "يعدّ البحر من أهم مميزات لبنان، وكان الحلَّ لتجنب الإفلاس"، ويضيف: "السياحة البحرية مهمة جداً بالنسبة إلى اللبنانيين، لأن البحر هو المتنفَّس الوحيد لهم في أجواء الصيف الحارة. البحر كبير وباستطاعته أن يحتوي الجميع". والعم شربل ليس الوحيد الذي فكر في البدائل "البحرية" لتوفير الاستمرار في ظل الأزمة، فبعض اللبنانيين اختار تحويل ملكه الخاص وسيلة للارتزاق. حنا واحد من هؤلاء: "خسرت تجارتي في بيع الملابس بفعل الأحوال السيئة التي تمر بها البلاد، وبقيت في المنزل أشهراً عدة، وعندما ضاقت بي الحال قررت تأجير مسبحنا الخاص وجعله للعموم، ما مكَّنني من كسب بعض المال خلال الصيف". ويوضح حنا أن ما ساعده هو "ازدياد عدد اللبنانيين الذين فضلوا قضاء الصيف في بلادهم على السفر إلى دول الجوار، كما كانوا معتادين قبل الأزمات العربية". "الرزقة"، كما يسمي حنا أرباحه، جعلته يتمنى أن يطول الصيف أكثر، نظراً إلى الإقبال الجيد الذي حظيت به "سياحته البحرية". فادي أيضاً وجد في البحر والصيف فرصة لكسب العيش. هو موظف سابق في شركة سياحية أغلقت أبوابها بفعل الأزمة، حاول جاهداً إيجاد عمل من دون جدوى، فابتكر حلاً ناجعاً: "بعد طول انتظار لم أجد أمامي سوى استثمار يخت يعود لأحد الأصدقاء، واتخدت من ميناء جونية مكاناً للراغبين بالاستمتاع بتجربة الإبحار مقابل مبلغ مادي". يؤكد فادي أن اللبنانيين من عشاق البحر، وأن له الآن زبائنه الذين صاروا يقصدونه كل أسبوع، ويجزم أن السياحة البحرية شكلت باب الخلاص لكثيرين، وشكلت سوقاً نشطاً ولو على نطاق محدود. ويرى المستثمر في أحد المنتجعات السياحية عثمان سعد، أنّ السياحة البحرية تشهد توسعاً ملحوظاً تترجمه النشاطات الجديدة والمتنوعة، متوقعاً ازدياد المنافسة، بما يؤدي إلى تحسين الخدمات وتخفيض الأسعار بالتأكيد. ويختم بالقول إن البحر يستقطب الجميع هذه الأيام.