رنت الصفعة آلاف المرات على الأثير التلفزيوني منذ توجيهها إلى الناشطة السياسية مرفت موسى على أبواب مكتب الإرشاد التابع لجماعة «الإخوان المسلمين» الحاكمة في مصر. عشرات البرامج في القنوات الخاصة تداولتها باعتبارها توثيقاً وتشديداً على أن النظام الحاكم لا خير فيه، ولا يحترم المرأة بل يحتقرها ويهينها. حلل الصفعة المحللون السياسيون، وفندها الخبراء الاجتماعيون، وأفتى فيها علماء الدين غير التابعين لنظام الحكم، وتجاهلها القائمون على أمر تلفزيون الدولة وحلفاؤهم من أصحاب القنوات الإسلامية. ففي الوقت الذي تحولت الصفعة، ومن قبلها السحلة (سحل المواطن حمادة صابر أمام قصر الاتحادية)، إلى نقطة سوداء تضاف إلى سلسلة طويلة من الحلقات السود المتشابكة على متن القنوات الخاصة، تعامل تلفزيون الدولة وحلفاؤه معها إما من منطلق أنها لم تكن، أو باعتبارها حقاً شرعياً للجماعة الحاكمة للدفاع عن النفس! منهم من اتهم المصفوعة بالبلطجة، ومنهم من لمّح إلى سجل لها غير مشرف في تظاهرات واعتراضات سابقة. وعلى مدار الساعات السابقة، حُولت الصفعة صفعتين، وباتت الحقيقة حقيقتين بالصوت والصورة والرأي والتعليق والخبر! فالصفعة الصريحة القوية المجرمة على القنوات الخاصة التي قامت لها الاستوديوات ولم تقعد هي تهمة لا ريب فيها، وخلل لا شك فيه، وهجمة لا مبرر لها. تنقر على الريموت كونترول نقرات صغيرة لتنقلك إلى حيث الصفعة مبررة، فهي تهمة للمصفوعة لا ريب فيها، وخلل في المعارضة لا شك فيه، وهجمة من أعضائها لا مبرر لها. وبدلاً من تركيز باقة القنوات الخاصة على الصفعة وبطلتها الناشطة وبطلها «الإخواني» الذي كان أجهز قبلها على الناشط أحمد دومة فأوسعه ضرباً وركلاً، مالت القنوات المتضامنة مع نظام الحكم إلى تسليط الزاوية على السيارة الزرقاء الصغيرة على يسار المشهد حيث هرع عدد من زملاء المصفوعة ليستعينوا بالعصي الخشبية من السيارة لإنقاذها، وهلل المهللون وكبر المكبرون على متن قنوات «الإخوان» وهم يعيدون مشهد السيارة مراراً وتكراراً، ويتهمون القنوات الخاصة العلمانية بالانحياز والنظر إلى زاوية واحدة من المشهد. فالشاب «الإخواني» الذي فقد السيطرة على غضبه من الناشطة البلطجية، فسب لها الدين وصفعها بينما كان بقية المجرمين يجهزون أدوات للهجوم على جانب المشهد. العصا الخشبية التي تحملها إحداهن في الصورة تحولت في هذه القناة إلى «جنازير»، وفي أخرى أكد المذيع أنها «سنج وصواعق»، بينما اكتفى ثالث بالدعاء على كل من تجرأ بالهجوم على هذا المكان الطاهر. وبين طهارة المكان على قنوات «الإخوان» ودلالته المشينة على القنوات الخاصة المناهضة للحكم، تدور القنوات التلفزيونية في دوائر مغلقة، لكن المؤسف أن إغلاقها يطبق على رقاب المشاهدين الذين فاض بهم الكيل.